عقدت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، دائرة الرعاية الاجتماعية قسم دور الدولة ومركز البحث والتدريب الاجتماعي مؤخرا ندوة حول(ظاهرة التشرد، اسبابها وسبل معالجتها) على قاعة ابن خلدون افتتحت الندوة باستعراض عام لانشطة الوزارة في مجال الرعاية الاجتماعية. ووتأتي هذه الندوة في اطار سلسلة من الندوات اضطلعت بها
دائرة الرعاية الاجتماعية تهدف الى دراسة الابعاد المختلفة لظاهرة التشرد واثارها في المجتمع العراقي، للتوصل الى المعالجات العلمية الكفيلة بتقليص هذه الظاهرة والحد من تفشيها وانتشارها المتزايد، وتحدث بعد ذلك عن وحدات دائرة الرعاية الاجتماعية التي زاد عددها على المائة وحدة تعمل في مجالات مختلفة لكنها تصب جميعا في نشاط الرعاية الاجتماعية.
ثم تحدثت السيدة ليلى كاظم عزيز مدير عام دائرة الرعاية الاجتماعية قائلة:
ان موضوع التشرد بات ظاهرة مؤلمة فهناك اطفال ونساء وكبار في السن مشردون لا مأوى لهم، واكدت ان مثل هذه الظاهرة لا تليق بمجتمع كالمجتمع العراقي الذي يمتاز بتكافله الاجتماعي وثرائه الاقتصادي كما اشارت الى ضعف اسهامات منظمات المجتمع المدني في عمليات بحث وتحديد المشاكل الاجتماعية الخطيرة، كالتشرد والتسول، وتمنت ان يكون لهذه المنظمات والوزارات وكذلك للوقفين الشيعي والسني دور في طرح الحلول والمعالجات فضلا عن حضور الندوات والمؤتمرات العلمية التي تحاول حصر هذه المشاكل في اطار علمي احصائي معزز بالاستنتاجات والتوصيات ومن شأن هذا كله ان يوفر ارضية للفعل الاصلاحي من المجتمع ومؤسساته الحكومية وغير الحكومية، الدينية والمدنية واختتمت حديثها بالقول ان الاستقرار الامني والاقتصادي للمجتمع العراقي سيساعد في القضاء على هذه الظواهر والامراض الاجتماعية.
وتضمن منهاج الندوة عرض فيلم وثائقي قصير عنوانه(بعد الضياع) من اخراج رائد نصير ومن انتاج قسم دور الدولة. يتحدث الفيلم عن معاناة المشردين الاجتماعية والنفسية وكيف تمتد اليهم ايدي دور الدولة للمشردين لتنتشلهم معاناتهم وتحولهم الى عناصر ايجابية في المجتمع عن طريق تعليمهم وتدريبهم وتأهيلهم للاندماج في المجتمع، هذا فضلا عن برنامج الدمج الاسري الذي يضطلع به قسم دور الدولة. ويوفر فرص الاندماج في عوائل تحتاج الى اطفال لغرض التبني.
بعد ذلك شرع الباحثون بعرض ملخصات بحوثهم تباعا، فقدمت السيدة عبير مهدي محسن مديرة قسم دور الدولة بحثها الموسوم(حملات جمع المشردين والمتسولين) قائلة: ان ظاهرة التسول تشمل كل الفئات العمرية وان لها اسباباً وجذوراً اجتماعية واقتصادية منها غياب سلطة الاب التي تؤدي الى ضياع الاطفال او امتهانهم مهنا قاسية وتركهم الدراسة وكذلك غياب الوعي التربوي لدى اولياء الامور وغير ذلك من الاسباب.
وتحدثت الباحثة عن خطة بحثها الذي يتألف من ثلاثة فصول واستنتاجات وتوصيات. اما ادوات البحث فقد اشتملت على استمارة استبيان تضمنت اسئلة تتعلق بالموضوع وجهت الى شرائح من من المشردين. كما جرت مقابلة لعشر حالات من المتسولات الاناث. وقد تضمن البحث جداول احصائية دقيقة عن المشردين والمتسولين ومراحل جمعهم موزعين على وفق الجنس والعمر وكان العدد الاجمالي للحملات التسع التي قامت بها ملاكات قسم دور الدولة 829 مشردا ومتسولا بواقع 416 من الاناث، و413 من الذكور وهناك جداول اخرى تبين المهن التي مارسوها والتي تتراوح بين التسول(اعلى نسبة) وبين المهن الهامشية كجمع العلب المعدنية وصبغ الاحذية وبيع اكياس النايلون..الخ بينما بينت الجداول الاجراءات المتخذة بحق هؤلاء والتي كانت النسبة الاعلى فيها (افراج بتعهد) والنسبة الادنى (ايداع في دور الدولة).
وخلصت الباحثة الى عدد من الاستنتاجات تتلخص في ان اغلب الاطفال المشردين او المتسولين هم من سكنة ضواحي مدينة بغداد او المباني الحكومية التي تم التجاوز عليها وان اغلب اولياء امورهم عاطلون او يزاولون مهناً بسيطة وهم في الغالب اميون او ذوو مستوى تعليمي واطئ وان ظاهرة التسول تركزت في الاطفال وكبار السن اما الاعمار بين 13 عاما و20 عاما فقد تركزت في مهنة جمع العلب الفارغة. واوصت الدراسة ان يكون للمدرسة دور قيادي بالتعاون مع الاسرة لمتابعة تسرب الاطفال من المدارس او عدم تسجيلهم اصلا، ودعت الوزارات التي لها علاقة بالطفولة الى تفعيل دورها في حملات الجمع وفي المعالجات والى سن قوانين صارمة لمحاسبة اولياء الامور المخالفين وقيام الاعلام العراقي المرئي والمقروء بحملات ارشادية للتوعية الاجتماعية وقيام المجالس البلدية بجرد العوائل الفقيرة والمحتاجة لدعمها ماديا وتقديم المساعدات لها. كما دعت الى مشاركة الوزارات والجمعيات والمنظمات الانسانية الى المشاركة في حملات جمع المشردين والمتسولين وتقديم العون والدعم لهم.
اما البحث الثاني فقدمته الباحثة رقية نجم محمد وكان بعنوان(اطفال الشوارع المعتادون على تناول المواد المضرة بالصحة وطرق معالجتهم مع مقترح لانشاء مركز علاجي لهم). تضمن استقصاء الظاهرة والبحث عن منفذ علاجي لحالات ادمان الاطفال وذكرت الباحثة ان اسباب الظاهرة هي في الغالب اقتصادية او اجتماعية. واشتملت الدراسة على مقدمة واربعة فصول وكان مجتمع البحث مؤلفا من 50 طفلا مشردا من منطقتي البتاويين وباب المعظم تتراوح اعمارهم بين 8 و 16 سنة، وذكرت الباحثة ان المعنيين اكدوا ان ترك هؤلاء الاطفال المدمنين يشكل خطراً اجتماعياً ولاحظت من خلال التجربة الميدانية ان الاطفال المدمنين انفعاليون وسريعو الغضب وان من شأن هذا الامر ان يتطور مع تقدمهم في العمر واستمرارهم على تعاطي المواد المخدرة الى نوع من السلوك العدواني الذي ينعكس اجتماعيا في صورة جرائم وانحرافات ،كما لا حظت ان حالة الادمان على شم السيكوتين تسبب مشاكل صحية خطيرة كالتهابات الرئة والكبد وفقدان حاسة الشم وان اكثر هؤلاء الاطفال المدمنين ينتمون الى اسر فقيرة ويمارسون التسول لتوفير مادة الادمان سواء اكانت السيكوتين ام الحشيشة التي دخلت مؤخرا حيز التعاطي في العراق، وقد توصلت الباحثة الى عدد كبير من النتائج تضمنت ارقاما ونسبا مئوية.
واوصت الدراسة بضرورة تخصيص جناح خاص للاطفال المدمنين في احدى الدور الخاصة برعاية الاطفال كمرحلة اولى يتولى تقديم الرعاية الصحية والنفسية لتخليصهم من هذا الادمان ومعالجة اضراره النفسية والاجتماعية كما اوصت بفتح قنوات الاتصال والتعاون بين دائرة الرعاية الاجتماعية ومراكز الشرطة لاسيما شرطة الاحداث لتسهيل جمع هؤلاء الاطفال المدمنين وايداعهم في دور الرعاية والمراكز العلاجية. وحثت التوصيات وزارة التربية على اتخاذ اجراءات حاسمة للحد من ظاهرة تسرب الطلبة من الدراسة لان التسرب هو الخطوة الاولى باتجاه الضياع والتشرد والادمان واخيرا اوصت الدراسة بضرورة تكثيف الجهود العلمية لحصر ومتابعة هذه الظاهرة وضرورة غرس القيم الدينية في نفوس الاطفال من المدرسين واولياء الامور لتجنيب الاطفال خطر الانزلاق الى هاوية التشرد والجنوح والادمان.
وقدم الباحث ولي جليل الخفاجي بحثه الموسوم(الاصلاح بين الواقع والطموح) وتحدث فيه عن واقع الاصلاح بعد عام 2003 لا سيما بعد ارتباط هذه المراكز بوزارة العدل التي يرى انها لم تنجح في معالجة قضايا الاصلاح في دائرة اصلاح الاحداث بسبب معاملة الاحداث على نحو مشابه لمعاملة السجناء البالغين حتى اختلط الامر على الحدث الجانح فلم يعد يعرف هل هو سجين ام نزيل اصلاحية . كما تناول البحث اسباب جنوح الاحداث التي توزعت بين اسباب اجتماعية ونفسية وبايولوجية واقتصادية كما يفرد مبحثا لدراسة الاسباب الانية او الطارئة ويسميها (الاسباب وليدة الظرف) اذ يرى ان الطفل العراقي على مدى ثلاثة عقود عاش في مناخ عنف مستمر تترد فيه مفردات الموت والحرب والقتل والسلاح والعدو وتشيع فيه اجواء الكراهية لعدو حقيقي او مفترض، مما اثر سلبا في تكوين شخصية الطفل على نحو يتلاءم والمناخ المحيط به، فصار يتعاطى مع لعبة المسدس اوالبندقية ويفضلها على لعبة السيارة او القطار او اية لعبة ليست ذات مرجعية عنيفة.
وتحدث عن مفهوم اخر اسماه (هجرة الانحراف) ويقصد به التغييرات الاجتماعية والاقتصادية التي حدثت لفئات من المنحرفين الذين استولوا على اموال طائلة من الدولة مستغلين فترة الانفلات الامني التي اعقبت الحرب مباشرة وهؤلاء تحولوا من فقراء معدمين الى اثرياء وانتقلوا للسكن -كما يرى الباحث- في مناطق الاثرياء ونقلوا معهم انحرافاتهم الى الاوساط الجديدة التي عاشوا فيها، مما ولّد هجرة الانحراف الى بيئات جديدة.
وفي ختام قراءته لملخص بحثه قدم الباحث توصياته التي اشتملت على عدد من الفقرات الوقائية والعلاجية، منها توفير فرص العمل للمطلق سراحهم من الاحداث لضمان عدم انزلاقهم الى الجريمة مرة اخرى، ودراسة رواتب شبكة الحماية الاجتماعية لتوفير الحد الادنى الذي يضمن معيشة كريمة للمشمولين بها، واعادة فتح المدارس المهنية، وفتح دور توقيف او ما تسمى بـ(دور الملاحظة) في كل محافظات العراق، ومراجعة موضوع المسؤولية الجنائية ورفع السن القانونية للمسؤولية الجنائية من 9 سنوات الى 12 سنة، وتعيين باحثين اجتماعيين في المدارس وأخيرا تعزيز دور المؤسسات الدينية والجوامع في تكريس ثقافة السلام والمحبة.
وكان البحث الاخير للباحث محمود سعدي لفتة البدري الموسوم (الحالة الاجتماعية والنفسية للمستفيدات في بيت الطفل الثاني) وقد تضمن هذا البحث دراسة حالة المستفيدات الاناث في بيت الطفل الثاني (وهو احد دور الدولة لرعاية الايتام والمشردين) وتراوحت اعمار المبحوثات بين 6 سنوات الى 15 سنة، وشملت اجراءات البحث توزيع استمارة مقابلة للمستفيدات ثم اخضاع النتائج الى التحليل والاساليب الاحصائية، وقد اتضح من نتائج البحث ان اهم الاسباب الاجتماعية للتشرد هي التفكك الاسري كالطلاق وقسوة الوالدين او احدهما او زوج الام او زوجة الاب او العوز المادي وأمية الوالدين او تدني مستواهما التعليمي. كما اظهرت النتائج ان متوسط عدد افراد اسرهن هو (6) افراد اكثرهم اناث وان غياب الاب الدائم او المؤقت كان سببا في غياب الرعاية والمتابعة المستمرة وبالتالي ادى الى تشردهن، وتوصل الباحث الى ان اكثرهن يعانين من مشاكل نفسية كالكآبة والخوف والقلق ونوبات مستمرة من الارق، كما يعاني بعضهن من الحرمان وعدم القدرة على التكيف مع المجتمع ما ادى الى الانطواء والاستسلام لأحلام اليقظة وعدم القدرة على الاندماج في المجتمع.
وقد اوصى البحث بضرورة توعية اولياء الامور بكل الوسائل المتاحة بأهمية رعاية ابنائهم واغداق الحنان والعطف عليهم، وتقديم العون والمساعدة المادية للعوائل الفقيرة، وان تتكفل الدولة والمنظمات الرسمية المحلية والانسانية الدولية ومنظمات المجتمع المدني بانقاذ هذه الاسر من تشرد ابنائهم وبناتهم تحت ضغط ظروفهم الصعبة، كما اوصى البحث بزيادة عدد الباحثين الاجتماعيين والنفسيين والتربويين في دور الدولة لمواكبة حالات المستفيدات اولا بأول، والاهتمام بالتوجيه والارشاد المهني لإكساب كل مستفيدة مهنة كالخياطة والتطريز والحياكة والطبخ والصناعات الجلدية وغيرها من المهن والحرف، إذ اظهرت (75%) من المستفيدات في بيت الطفل الثاني رغبتهن في تعلم هذه المهن واتقان المهارات.
وبعد الانتهاء من قراءة البحوث عقّب السيد عبدالله اللامي مستشار اعلام الوزارة على مجمل الندوة مبديا اسفه لقلة البحوث وقلة الحضور على الرغم من خطورة العنوان وهو ظاهرة التشرد التي عزاها الى التفكك الاسري والاجتماعي الذي خلفته الظروف الصعبة التي عاشها العراق في ربع القرن الاخير، وذكر اللامي ان ثمة شركات ضخمة منتشرة في انحاء العراق وظيفتها جمع الاموال عن طريق الاستجداء والتسول ودعا المعنيين الى اشباع هذه الظاهرة بحثا ومناقشة لانها من الظواهر التي تؤدي، اذا ما تركت او اهملت الى نتائج اجتماعية وخيمة.
بعد ذلك فتح الباب لتعقيبات الحاضرين واسئلتهم لإغناء الجلسة بالملاحظات المباشرة والتفاعل بين الباحثين والمعنيين بقضية التشرد، فعقب الحاضرون بملاحظات واسئلة وايضاحات اسهمت في اعطاء بعداً علمياً واقعياً لهذه القضية المهمة.
دائرة الرعاية الاجتماعية تهدف الى دراسة الابعاد المختلفة لظاهرة التشرد واثارها في المجتمع العراقي، للتوصل الى المعالجات العلمية الكفيلة بتقليص هذه الظاهرة والحد من تفشيها وانتشارها المتزايد، وتحدث بعد ذلك عن وحدات دائرة الرعاية الاجتماعية التي زاد عددها على المائة وحدة تعمل في مجالات مختلفة لكنها تصب جميعا في نشاط الرعاية الاجتماعية.
ثم تحدثت السيدة ليلى كاظم عزيز مدير عام دائرة الرعاية الاجتماعية قائلة:
ان موضوع التشرد بات ظاهرة مؤلمة فهناك اطفال ونساء وكبار في السن مشردون لا مأوى لهم، واكدت ان مثل هذه الظاهرة لا تليق بمجتمع كالمجتمع العراقي الذي يمتاز بتكافله الاجتماعي وثرائه الاقتصادي كما اشارت الى ضعف اسهامات منظمات المجتمع المدني في عمليات بحث وتحديد المشاكل الاجتماعية الخطيرة، كالتشرد والتسول، وتمنت ان يكون لهذه المنظمات والوزارات وكذلك للوقفين الشيعي والسني دور في طرح الحلول والمعالجات فضلا عن حضور الندوات والمؤتمرات العلمية التي تحاول حصر هذه المشاكل في اطار علمي احصائي معزز بالاستنتاجات والتوصيات ومن شأن هذا كله ان يوفر ارضية للفعل الاصلاحي من المجتمع ومؤسساته الحكومية وغير الحكومية، الدينية والمدنية واختتمت حديثها بالقول ان الاستقرار الامني والاقتصادي للمجتمع العراقي سيساعد في القضاء على هذه الظواهر والامراض الاجتماعية.
وتضمن منهاج الندوة عرض فيلم وثائقي قصير عنوانه(بعد الضياع) من اخراج رائد نصير ومن انتاج قسم دور الدولة. يتحدث الفيلم عن معاناة المشردين الاجتماعية والنفسية وكيف تمتد اليهم ايدي دور الدولة للمشردين لتنتشلهم معاناتهم وتحولهم الى عناصر ايجابية في المجتمع عن طريق تعليمهم وتدريبهم وتأهيلهم للاندماج في المجتمع، هذا فضلا عن برنامج الدمج الاسري الذي يضطلع به قسم دور الدولة. ويوفر فرص الاندماج في عوائل تحتاج الى اطفال لغرض التبني.
بعد ذلك شرع الباحثون بعرض ملخصات بحوثهم تباعا، فقدمت السيدة عبير مهدي محسن مديرة قسم دور الدولة بحثها الموسوم(حملات جمع المشردين والمتسولين) قائلة: ان ظاهرة التسول تشمل كل الفئات العمرية وان لها اسباباً وجذوراً اجتماعية واقتصادية منها غياب سلطة الاب التي تؤدي الى ضياع الاطفال او امتهانهم مهنا قاسية وتركهم الدراسة وكذلك غياب الوعي التربوي لدى اولياء الامور وغير ذلك من الاسباب.
وتحدثت الباحثة عن خطة بحثها الذي يتألف من ثلاثة فصول واستنتاجات وتوصيات. اما ادوات البحث فقد اشتملت على استمارة استبيان تضمنت اسئلة تتعلق بالموضوع وجهت الى شرائح من من المشردين. كما جرت مقابلة لعشر حالات من المتسولات الاناث. وقد تضمن البحث جداول احصائية دقيقة عن المشردين والمتسولين ومراحل جمعهم موزعين على وفق الجنس والعمر وكان العدد الاجمالي للحملات التسع التي قامت بها ملاكات قسم دور الدولة 829 مشردا ومتسولا بواقع 416 من الاناث، و413 من الذكور وهناك جداول اخرى تبين المهن التي مارسوها والتي تتراوح بين التسول(اعلى نسبة) وبين المهن الهامشية كجمع العلب المعدنية وصبغ الاحذية وبيع اكياس النايلون..الخ بينما بينت الجداول الاجراءات المتخذة بحق هؤلاء والتي كانت النسبة الاعلى فيها (افراج بتعهد) والنسبة الادنى (ايداع في دور الدولة).
وخلصت الباحثة الى عدد من الاستنتاجات تتلخص في ان اغلب الاطفال المشردين او المتسولين هم من سكنة ضواحي مدينة بغداد او المباني الحكومية التي تم التجاوز عليها وان اغلب اولياء امورهم عاطلون او يزاولون مهناً بسيطة وهم في الغالب اميون او ذوو مستوى تعليمي واطئ وان ظاهرة التسول تركزت في الاطفال وكبار السن اما الاعمار بين 13 عاما و20 عاما فقد تركزت في مهنة جمع العلب الفارغة. واوصت الدراسة ان يكون للمدرسة دور قيادي بالتعاون مع الاسرة لمتابعة تسرب الاطفال من المدارس او عدم تسجيلهم اصلا، ودعت الوزارات التي لها علاقة بالطفولة الى تفعيل دورها في حملات الجمع وفي المعالجات والى سن قوانين صارمة لمحاسبة اولياء الامور المخالفين وقيام الاعلام العراقي المرئي والمقروء بحملات ارشادية للتوعية الاجتماعية وقيام المجالس البلدية بجرد العوائل الفقيرة والمحتاجة لدعمها ماديا وتقديم المساعدات لها. كما دعت الى مشاركة الوزارات والجمعيات والمنظمات الانسانية الى المشاركة في حملات جمع المشردين والمتسولين وتقديم العون والدعم لهم.
اما البحث الثاني فقدمته الباحثة رقية نجم محمد وكان بعنوان(اطفال الشوارع المعتادون على تناول المواد المضرة بالصحة وطرق معالجتهم مع مقترح لانشاء مركز علاجي لهم). تضمن استقصاء الظاهرة والبحث عن منفذ علاجي لحالات ادمان الاطفال وذكرت الباحثة ان اسباب الظاهرة هي في الغالب اقتصادية او اجتماعية. واشتملت الدراسة على مقدمة واربعة فصول وكان مجتمع البحث مؤلفا من 50 طفلا مشردا من منطقتي البتاويين وباب المعظم تتراوح اعمارهم بين 8 و 16 سنة، وذكرت الباحثة ان المعنيين اكدوا ان ترك هؤلاء الاطفال المدمنين يشكل خطراً اجتماعياً ولاحظت من خلال التجربة الميدانية ان الاطفال المدمنين انفعاليون وسريعو الغضب وان من شأن هذا الامر ان يتطور مع تقدمهم في العمر واستمرارهم على تعاطي المواد المخدرة الى نوع من السلوك العدواني الذي ينعكس اجتماعيا في صورة جرائم وانحرافات ،كما لا حظت ان حالة الادمان على شم السيكوتين تسبب مشاكل صحية خطيرة كالتهابات الرئة والكبد وفقدان حاسة الشم وان اكثر هؤلاء الاطفال المدمنين ينتمون الى اسر فقيرة ويمارسون التسول لتوفير مادة الادمان سواء اكانت السيكوتين ام الحشيشة التي دخلت مؤخرا حيز التعاطي في العراق، وقد توصلت الباحثة الى عدد كبير من النتائج تضمنت ارقاما ونسبا مئوية.
واوصت الدراسة بضرورة تخصيص جناح خاص للاطفال المدمنين في احدى الدور الخاصة برعاية الاطفال كمرحلة اولى يتولى تقديم الرعاية الصحية والنفسية لتخليصهم من هذا الادمان ومعالجة اضراره النفسية والاجتماعية كما اوصت بفتح قنوات الاتصال والتعاون بين دائرة الرعاية الاجتماعية ومراكز الشرطة لاسيما شرطة الاحداث لتسهيل جمع هؤلاء الاطفال المدمنين وايداعهم في دور الرعاية والمراكز العلاجية. وحثت التوصيات وزارة التربية على اتخاذ اجراءات حاسمة للحد من ظاهرة تسرب الطلبة من الدراسة لان التسرب هو الخطوة الاولى باتجاه الضياع والتشرد والادمان واخيرا اوصت الدراسة بضرورة تكثيف الجهود العلمية لحصر ومتابعة هذه الظاهرة وضرورة غرس القيم الدينية في نفوس الاطفال من المدرسين واولياء الامور لتجنيب الاطفال خطر الانزلاق الى هاوية التشرد والجنوح والادمان.
وقدم الباحث ولي جليل الخفاجي بحثه الموسوم(الاصلاح بين الواقع والطموح) وتحدث فيه عن واقع الاصلاح بعد عام 2003 لا سيما بعد ارتباط هذه المراكز بوزارة العدل التي يرى انها لم تنجح في معالجة قضايا الاصلاح في دائرة اصلاح الاحداث بسبب معاملة الاحداث على نحو مشابه لمعاملة السجناء البالغين حتى اختلط الامر على الحدث الجانح فلم يعد يعرف هل هو سجين ام نزيل اصلاحية . كما تناول البحث اسباب جنوح الاحداث التي توزعت بين اسباب اجتماعية ونفسية وبايولوجية واقتصادية كما يفرد مبحثا لدراسة الاسباب الانية او الطارئة ويسميها (الاسباب وليدة الظرف) اذ يرى ان الطفل العراقي على مدى ثلاثة عقود عاش في مناخ عنف مستمر تترد فيه مفردات الموت والحرب والقتل والسلاح والعدو وتشيع فيه اجواء الكراهية لعدو حقيقي او مفترض، مما اثر سلبا في تكوين شخصية الطفل على نحو يتلاءم والمناخ المحيط به، فصار يتعاطى مع لعبة المسدس اوالبندقية ويفضلها على لعبة السيارة او القطار او اية لعبة ليست ذات مرجعية عنيفة.
وتحدث عن مفهوم اخر اسماه (هجرة الانحراف) ويقصد به التغييرات الاجتماعية والاقتصادية التي حدثت لفئات من المنحرفين الذين استولوا على اموال طائلة من الدولة مستغلين فترة الانفلات الامني التي اعقبت الحرب مباشرة وهؤلاء تحولوا من فقراء معدمين الى اثرياء وانتقلوا للسكن -كما يرى الباحث- في مناطق الاثرياء ونقلوا معهم انحرافاتهم الى الاوساط الجديدة التي عاشوا فيها، مما ولّد هجرة الانحراف الى بيئات جديدة.
وفي ختام قراءته لملخص بحثه قدم الباحث توصياته التي اشتملت على عدد من الفقرات الوقائية والعلاجية، منها توفير فرص العمل للمطلق سراحهم من الاحداث لضمان عدم انزلاقهم الى الجريمة مرة اخرى، ودراسة رواتب شبكة الحماية الاجتماعية لتوفير الحد الادنى الذي يضمن معيشة كريمة للمشمولين بها، واعادة فتح المدارس المهنية، وفتح دور توقيف او ما تسمى بـ(دور الملاحظة) في كل محافظات العراق، ومراجعة موضوع المسؤولية الجنائية ورفع السن القانونية للمسؤولية الجنائية من 9 سنوات الى 12 سنة، وتعيين باحثين اجتماعيين في المدارس وأخيرا تعزيز دور المؤسسات الدينية والجوامع في تكريس ثقافة السلام والمحبة.
وكان البحث الاخير للباحث محمود سعدي لفتة البدري الموسوم (الحالة الاجتماعية والنفسية للمستفيدات في بيت الطفل الثاني) وقد تضمن هذا البحث دراسة حالة المستفيدات الاناث في بيت الطفل الثاني (وهو احد دور الدولة لرعاية الايتام والمشردين) وتراوحت اعمار المبحوثات بين 6 سنوات الى 15 سنة، وشملت اجراءات البحث توزيع استمارة مقابلة للمستفيدات ثم اخضاع النتائج الى التحليل والاساليب الاحصائية، وقد اتضح من نتائج البحث ان اهم الاسباب الاجتماعية للتشرد هي التفكك الاسري كالطلاق وقسوة الوالدين او احدهما او زوج الام او زوجة الاب او العوز المادي وأمية الوالدين او تدني مستواهما التعليمي. كما اظهرت النتائج ان متوسط عدد افراد اسرهن هو (6) افراد اكثرهم اناث وان غياب الاب الدائم او المؤقت كان سببا في غياب الرعاية والمتابعة المستمرة وبالتالي ادى الى تشردهن، وتوصل الباحث الى ان اكثرهن يعانين من مشاكل نفسية كالكآبة والخوف والقلق ونوبات مستمرة من الارق، كما يعاني بعضهن من الحرمان وعدم القدرة على التكيف مع المجتمع ما ادى الى الانطواء والاستسلام لأحلام اليقظة وعدم القدرة على الاندماج في المجتمع.
وقد اوصى البحث بضرورة توعية اولياء الامور بكل الوسائل المتاحة بأهمية رعاية ابنائهم واغداق الحنان والعطف عليهم، وتقديم العون والمساعدة المادية للعوائل الفقيرة، وان تتكفل الدولة والمنظمات الرسمية المحلية والانسانية الدولية ومنظمات المجتمع المدني بانقاذ هذه الاسر من تشرد ابنائهم وبناتهم تحت ضغط ظروفهم الصعبة، كما اوصى البحث بزيادة عدد الباحثين الاجتماعيين والنفسيين والتربويين في دور الدولة لمواكبة حالات المستفيدات اولا بأول، والاهتمام بالتوجيه والارشاد المهني لإكساب كل مستفيدة مهنة كالخياطة والتطريز والحياكة والطبخ والصناعات الجلدية وغيرها من المهن والحرف، إذ اظهرت (75%) من المستفيدات في بيت الطفل الثاني رغبتهن في تعلم هذه المهن واتقان المهارات.
وبعد الانتهاء من قراءة البحوث عقّب السيد عبدالله اللامي مستشار اعلام الوزارة على مجمل الندوة مبديا اسفه لقلة البحوث وقلة الحضور على الرغم من خطورة العنوان وهو ظاهرة التشرد التي عزاها الى التفكك الاسري والاجتماعي الذي خلفته الظروف الصعبة التي عاشها العراق في ربع القرن الاخير، وذكر اللامي ان ثمة شركات ضخمة منتشرة في انحاء العراق وظيفتها جمع الاموال عن طريق الاستجداء والتسول ودعا المعنيين الى اشباع هذه الظاهرة بحثا ومناقشة لانها من الظواهر التي تؤدي، اذا ما تركت او اهملت الى نتائج اجتماعية وخيمة.
بعد ذلك فتح الباب لتعقيبات الحاضرين واسئلتهم لإغناء الجلسة بالملاحظات المباشرة والتفاعل بين الباحثين والمعنيين بقضية التشرد، فعقب الحاضرون بملاحظات واسئلة وايضاحات اسهمت في اعطاء بعداً علمياً واقعياً لهذه القضية المهمة.