تلوث الهواء
نظرة عامة
يستطيع الإنسان البقاء دون طعام لعدة أيام ولكنه لا يستطيع الاستغناء عن الهواء ألا لدقائق معدودة وبالتالي يجب أن يكون الهواء صالحاً للاستنشاق ولا يحتوي على ملوثات من شأنها أن تسبب ضاراً بالصحة العامة سواء علي المدى القريب أو البعيد. يتكون الغلاف الجوي الخالي من الملوثات من 78 % نيتروجين 21% أكسجين وحوالي 0.9% غاز أرجون والبقية عبارة عن كميات قليلة من ثاني أكسيد الكربون والنيون و الهليوم والهيدروجين بالإضافة إلى بخار الماء.
يستطيع الهواء أن يحتفظ بمكوناته في الظروف الطبيعية وحسب دورة الحياة في النظام البيئي، فالنبات مثلاً يأخذ ثاني أكسيد الكربون من الجو ويحتفظ بالكربون ويطلق الأوكسجين وتتنفس الكائنات الحية الأوكسجين وإذا زادت نسبة ثاني أكسيد الكربون في الجو فإن الفائض يذوب في البحار والمحيطات ويتفاعل مع أملاح الكالسيوم مكوناً كربونات الكالسيوم (الأحجار الجيرية) وبذلك تحفظ الطبيعة ذاتها.
يعتبر تلوث الهواء من أقدم المشاكل البيئية التي عرفها الإنسان حيث أن مصادرة الطبيعية متعددة كالبراكين، وقد بدأت مشاركة الإنسان في التلوث الهوائي بالظهور منذ أن بدأ الإنسان باستخدام النار في حياته اليومية للطهي وللتدفئة وغيرها. ومنذ ذلك الحين ما زالت هذه القضية في تفاقم مستمر وأصبحت تعد من أهم وأخطر القضايا البيئية على الإطلاق. وشهد العام 1300 صدور أول تشريع بيئي خاص بالهواء عندما أصدر الملك إدوارد الأول، ملك إنجلترا، مرسوما ملكيا يقضي بمنع حرق الفحم خلال فترة انعقاد المجلس.
يتميز التلوث الهوائي عن غيرة من أشكال التلوث في أنة سريع الانتشار حيث لا يقتصر تأثيره على منطقة المصدر وإنما يمتد إلى المناطق المجاورة والبعيدة، كذلك وبعكس أشكال التلوث الأخرى ( المياه العادمة والنفايات الصلبة وغيرها)، فإن التلوث الهوائي لا يمكن السيطرة علية بعد خروجه من المصدر لذا يجب التحكم به ومعالجته قبل خروجه إلى الجو, كما أنه غالبا ما يكون لا يرى بالعين المجردة بالإضافة إلى أنه متعدد المصادر. كل هذه الصفات تجعل من تلوث الهواء القضية البيئية الكبرى.
بدأت مشكلة تلوث الهواء تظهر بشكل فعلي وجدي بعد الحرب العالمية الثانية وظهور البترول وما تلاها من ثورة صناعية ورخاء اقتصادي. فقد انتشرت المصانع المختلفة التي تعمل على الفحم والبترول كما انتشرت السيارات واليات النقل المختلفة مما أدى إلى ارتفاع حاد في نسبة الملوثات الهوائية وذرات الغبار في الجو. لقد انصب اهتمام الناس بالتطور الصناعي والاقتصادي بدون النظر إلى أبعاده البيئية, وقد سبب هذا التطور على حساب البيئة العديد من الكوارث البيئية التي ظهرت فيما بعد والتي أودت بحياة الكثير من الناس، ففي العام 1952 أدى تفاعل التلوث الهوائي المفرط مع الضباب في مدينة لندن إلى ظهور ما يسمى الدخان المضبّب (الضبخنة) والذي أستمر لأيام وربما لأسابيع مما أدى إلى وفاة عدد كبير من الناس، وشهدت مدينة دونورا بولاية بنسلفانيا وضعا مشابها عام 1948. وكان لمثل هذه الأحداث أن دفعت الناس إلى إعادة التفكير بجدية بموضوع التلوث الهوائي وكيفية التخلص والوقاية منه. في أواخر عام 1940 بدأت أول جهود رسمية وحكومية لمكافحة التلوث الهوائي وتحسين جودة الهواء. وفي العام 1963 كان هناك أول تشريع خاص بجودة الهواء في أميركا، والذي كان له الأثر الإيجابي في تخفيف حدة التلوث وتحسين نوعية وجودة الهواء.
مصادر التلوث الهوائي
قبل الخوض في موضوع تلوث الهواء يجدر أن نلقي نظرة سريعة على الغلاف الجوي أو ما يسمى بالهواء والذي يمتد إلى عدة مئات من الكيلومترات فوق سطح الأرض. ويتكون الغلاف الجوي من ثلاث طبقات:
1. التربوسفير Troposphere وهي الطبقة التي تحدث فيها معظم التغيرات الجوية وهي التي فوق سطح الأرض وتتركز أنشطة الإنسان أو الحياة فيها.
2. الاستراتوسفير Stratosphere وهي الطبقة التي تقع فوق التربوسفير وتمتد من ارتفاع 20 إلى 80 كم. لا توجد تقلبات جوية في هذه الطبقة وبها تقع طبقة الأوزون التي تحمي سطح الأرض من مخاطر الأشعة فوق البنفسجية.
3. الأيونوسفير Ionosphere وهي الطبقة التي تقع فوق الاستراتوسفير وتمتد من ارتفاع 80 إلى 360 كم وتتميز هذه الطبقة بخفة غازاتها ويتركز فيها الهيدروجين والهليوم.
مصادر تلوث الهواء
تنقسم مصادر التلوث الهوائي إلى مصادر طبيعية ومصادر غير طبيعية "صناعية". تسمى الملوثات التي تنبعث مباشرة من المصدر إلى الجو بالملوثات الأولية، وتتعرض هذه الملوثات أحيانا لبعض التغييرات في الصفات والخواص الكيميائية نتيجة مرورها ببعض العمليات الكيميائية الطبيعية في الجو لتتحول إلى ملوثات ثانوية. فعلى سبيل المثال يعتبر غاز أول أكسيد الكربون، الذي ينتج عن عملية الاحتراق غير الكامل، من الملوثات الأولية وهو غاز ضار وسام, ويبقى على حالته هذه في الجو لفترة زمنية محددة قبل أن يتحول إلى غاز ثاني أكسيد الكربون (ملوث ثانوي) الأقل ضررا. وفي بعض الأحيان يكون الملوث الثانوي أكثر ضررا من الأولي، مثلا الأمطار الحمضية وهي تعتبر ملوثات ثانوية يكون لها ضررا أكبر على البيئة من الملوثات الأولية كثاني أكسيد الكبريت، وكذلك فإن تفاعل بعض الملوثات الأولية مثل أكاسيد النيتروجين والهايدروكربون مع أشعة الشمس وبوجود بخار الماء ينتج عنة ملوثات ثانوية أكثر سلبية على البيئة مثل غاز الأوزون.
المصادر طبيعية
وهي المصادر التي لا دخل للإنسان بها أي أنه لم يتسبب في حدوثها ويصعب التحكم بها وهي تلك الغازات المتصاعدة من التربة والبراكين وحرائق الغابات وكذلك الغبار الناتج من العواصف والرياح. وهذه المصادر عادة تكون محدودة في مناطق معينة ومواسم معينة وأضرارها ليست جسيمة إذا ما قورنت بالأخرى.
ومن الأمثلة لهذه الملوثات الطبيعية:
1. غازات ثاني أكسيد الكبريت، فلوريد الإيدروجين، وكلوريد الهيدروجين المتصاعدة من البراكين المضطربة.
2. أكاسيد النيتروجين الناتجة عن التفريغ الكهربي للسحب الرعدية.
3. كبريتيد الهيدروجين الناتج من انتزاع الغاز الطبيعي من جوف الأرض والمناجم أو بسبب البراكين ومن تحلل المواد العضوية المحتوية على الكبريت.
4. غاز الأوزون المتخلق ضوئياً في الهواء الجوي أو بسبب التفريغ الكهربي في السحب.
5. تساقط الأتربة المتخلفة عن الشهب والنيازك إلى طبقات الجو السطحية.
6. الأملاح التي تنتشر في الهواء بفعل الرياح والعواصف وتلك التي تحملها المخفضات والجبهات الجوية وتيارات الحمل الحرارية.
7. حبيبات لقاح النباتات.
8. الفطريات والبكتريا والميكروبات المختلفة التي تنتشر في الهواء سواء أكان مصدرها التربة أو نتيجة لتعفن الحيوانات والطيور الميتة والفضلات الآدمية.
9. المواد ذات النشاط الإشعاعي كتلك الموجودة في التربة وبعض صخور القشرة الأرضية وكذلك الناتجة عن تأين بعض الغازات بفعل الأشعة الكونية.
المصادر الغير طبيعية
وهي التي يحدثها أو يتسبب في حدوثها الإنسان وهي أخطر من السابقة وتثير القلق والاهتمام حيث أن مكوناتها أصبحت متعددة ومتنوعة وأحدثت خللاً في تركيبة الهواء الطبيعي وكذلك في التوازن البيئي وأهم تلك المصادر:
1. استخدام الوقود لإنتاج الطاقة
2. وسائل النقل البرى والبحري والجوى
3. النشاط الإشعاعي
4. النشاط السكاني ويتعلق بمخلفات المنازل من المواد الصلبة والسائلة وكذلك بسبب كثرة استخدام المبيدات الحشرية والمذيبات الصناعية.
5. النشاط الزراعي وكثرة استخدام المواد الكيماوية المختلفة في أغراض التسميد والزراعة
ما هي القضايا الناجمة عن التلوث الهوائي؟
تختلف تلوث الهواء من مكان لأخر حسب سرعة الرياح والظروف الجوية، فمثلا الضبخنة "دخان وضباب" وذرات السناج التي قد يصل قطرها إلى أقل من 0.1 مايكرومتر" تعمل على حجب الرؤية وتسبب متاعب صحية وبخاصة لكبار السن أو الذين يعانون من مشاكل تنفسية. أن هذا النوع من الملوثات هو في العادة محلي "من مصادر محلية" ولكنة قد ينتقل بفعل الرياح إلى مناطق بعيدة. ومن أنواع التلوث الأخرى هي تلوث الهواء بثاني أكسيد الكبريت وخاصة من محطات الطاقة التي تعتمد على الفحم وهناك أيضا أكاسيد النيتروجين الناتجة من عوادم السيارات. تعمل هذه الملوثات رفع درجة حموضة مياه الأمطار نتيجة امتصاصها لغاز ثاني أكسيد الكبريت وأكاسيد النيتروجين من الجو أثناء رحلة سقوطها إلى الأرض وهو ما يعرف بالمطر الحمضي. إن هذه الارتفاع في درجة الحموضة يؤثر سلبيا على التركيب الكيميائي للتربة وعلى المياه العذبة في البحيرات. فيما يلي عرض لبعض الملوثات الرئيسية في الهواء وأثرها على الصحة العامة:
غاز أول أكسيد الكربون
غاز سام عديم اللون والرائحة ينتج عن عمليات الاحتراق الغير كامل للوقود والمواد العضوية ويمثل أكبر نسبه من ملوثات الهواء. يختلف تركيز أول أكسيد الكربون في المناطق العمرانية باختلاف الظروف السائدة في كل من هذه المناطق وتعتمد أساساً على مدى كثافة حركة المرور ومن ثم فهي أكثر تركيزاً في النهار عنها في الليل ويؤثر أول أكسيد الكربون على الصحة العامة خاصة على هيموجلوبين الدم حيث أن له قابلية شديدة للاتحاد معه ومن ثم فإنه يؤثر تأثيراً خطيراً على عمليات التنفس في الكائنات الحية بما فيها الإنسان ويتسبب في كثير من حالات التسمم ويمكن الحد من تأثير أول أكسيد الكربون بتزويد البيئة المحيطة بالأكسجين الكافي لإتمام عملية التأكسد وتكوين ثاني أكسيد الكربون ويلزم ذلك لمواجهة حالات التسمم بالغاز.
يتحد أول أكسيد الكربون مع الهيموجلوبين مكوناً كربوكسي هيموجلوبين وبذلك يمنع الأكسجين من الاتحاد مع الهيموجلوبين وفي هذه الحالة يحرم الجسم من الحصول على الأوكسجين. وتعتمد سمية أول أكسيد الكربون علي تركيزه في الهواء المستنشق فتركيز 0,01% من أول أكسيد الكربون يعادل 20% من كربوكسي هيموجلوبين ويؤدي إلى :
1. شعور بالتعب
2. صعوبة التنفس
3. طنين في الأذن
في حين تركيز 0.1% من أول أكسيد الكربون يعادل 50% من كربوكسي هيموجلوبين ويؤدي إلى :
1. ضعف في القوة، ارتخاء في عضلات الجسم وبذلك لا يستطيع المصاب المشي خارج المكان.
2. ضعف في السمع.
3. نقص في الروية.
4. غثيان وقيء.
5. انخفاض ضغط الدم.
6. انخفاض في الحرارة.
7. ازدياد النبض مع ضعف في إحساسه.
8. أخيراً الإغماء والوفاة خلال ساعتين.
غاز ثاني أكسيد الكربون
يتكون غاز ثاني أكسيد الكربون من احتراق المواد العضوية كالورق والحطب والفحم وزيت البترول. ويعتبر غاز ثاني أكسيد الكربون الناتج من الوقود من أهم الملوثات التي أدخلها الإنسان على الهواء. أن عملية الاتزان البيئي التي تذيب غاز ثاني أكسيد الكربون الزائد في مياه البحار والمحيطات مكوناً حمضاً ضعيفاً يعرف باسم حمض الكربونيك ويتفاعل مع بعض الرواسب مكوناً بيكربونات وكربونات الكالسيوم. وتساهم النباتات أيضا في استخدام جزء كبير منه في عملية التمثيل الضوئي .
وتجدر الإشارة من جديد إلى أن الإسراف في استخدام الوقود وقطع الغابات أو التقليل من الساحات الخضراء ساهم في ارتفاع نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو والذي قد يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض وهو ما يعرف بالاحتباس الحراري.
إن زيادة ثاني أكسيد الكربون في الهواء تؤدي إلى صعوبة في التنفس والشعور بالاحتقان مع تهيج للأغشية المخاطية والتهاب القصبات الهوائية وتهيج الحلق.
غاز كبريتيد الهيدروجين
هو غاز ذو رائحة تشبه البيض الفاسد ويتكون من تحلل المواد العضوية مثل مياه الصرف الصحي. وهو غاز سام وقاتل ولا يختلف عن أول أكسيد الكربون حيث يتحد مع هيموجلوبين الدم محدثاً نقصاً في الأكسجين الذي يصل إلى الأنسجة والأعضاء الأخرى من الجسم.
وله التأثيرات التالية :
1. يؤثر هذا الغاز على الجهاز العصبي المركزي.
2. يؤدي إلى حدوث اضطراب وصعوبة في التنفس.
3. يسبب خمول في القدرة على التفكير.
4. يهيج ويخشن الأغشية المخاطية للجهاز التنفسي وملتحمة العين.
غاز ثاني أكسيد الكبريت
يحتوي الوقود الاحفوري "الفحم الحجري والبترول والغاز الطبيعي" على كميات متفاوتة من الكبريت، وأثناء عملية احتراق هذا الوقود، يتصاعد الكبريت مع الدخان على شكل ثاني أكسيد الكبريت. إن غاز ثاني أكسيد الكبريت عديم اللون نفاذ وكريه الرائحة له أثار ضارة إذا ما تواجد بمعدلات تزيد على 3 أ جزء في المليون في الهواء ويتحول ثاني أكسيد الكبريت في الهواء إلى حمض الكبريتيك نتيجة لتأكسده إلى ثالث أكسيد الكبريت وتفاعله مع بخار الماء. ولكل من ثاني أكسيد الكبريت وحمض الكبريتيك تأثيراً ضاراً بالجهاز التنفسي للإنسان والحيوان كما يشارك ثاني أكسيد الكبريت مع ملوثات أخرى في إحداث مشاكل بيئية منها الأمطار الحمضية، وفي الآونة الأخيرة تم اتخاذ بعض الإجراءات والتي من شأنها التقليل من استخدام مصادر الطاقة المحتوية على الكبريت.
أضرار غاز ثاني أكسيد الكبريت:
1. يؤثر على الجهاز التنفسي للإنسان محدثاً الآم في الصدر.
2. التهاب القصبات الهوائية وضيق التنفس.
3. التركيز العالية تسبب تشنج الحبال الصوتية وقد تؤدي إلى تشنج مفاجئ واختناق.
4. التعرض الطويل للغاز يؤثر على حاسة التذوق والشم وإلى التصلب الرئوي.
5. يسبب تهيج العيون وكذلك الجلد.
6. يسبب الأمطار الحمضية.
أكاسيد النيتروجين
يعتبر غاز ثاني أكسيد النتروجين من أكثر أكاسيد النيتروجين شيوعا وانتشارا. ينتج هذا الغاز عن عمليات احتراق الوقود في الهواء عند درجات حرارة مرتفعة، كذلك تنتج من احتراق المواد العضوية وأيضا من عوادم السيارات والشاحنات وبعض المنشآت الصناعية ومحطات توليد الطاقة التي تعمل على درجات حرارة مرتفعة. ويكون مع بخار الماء في الجو حمضاً قوياً هو حمض النتريك الذي يساهم أيضا في حدوث الأمطار الحمضية. كما يؤثر سلبيا عند وصوله طبقات الجو العليا على طبقة الأوزون.
أضرار غاز ثاني أكسيد النيتروجين
1. يؤدي إلى تهيج الأغشية المخاطية للمجاري التنفسية ويسبب أضرار في الرئة.
2. يؤدي إلى تهيج الأغشية المخاطية للعين.
3. يحدث ضرراً في طبقة الأوزون.
4. يكون الأمطار الحمضية.
الرصاص
يضاف الرصاص للبنزين وقود السيارات لزيادة معدل الأوكتان ويتم ذلك بإضافة tetra-ethyl lead وهذا هو البنزين المحتوي على الرصاص. يخرج الرصاص من عوادم السيارات إلى الهواء محدثاً تلوثاً به وخاصة في المدن المزدحمة والتي تستخدم وقود أو البنزين المحتوي على الرصاص.
أضرار الرصاص
1. يسبب الصداع والضعف العام وقد يؤدي للغيبوبة وإلى حدوث تشنجات قد تؤدي للوفاة.
2. يؤدي إلى إفراز حمض البوليك وتراكمه في المفاصل والكلى.
3. يقلل من تكوين الهيموجلوبين في الجسم.
4. يحل محل الكالسيوم في أنسجة العظام.
5. يؤدي إلى القلق النفسي والليلي.
6. يسبب التخلف العقلي لدى الأطفال.
7. تراكمه في الأجنة يؤدي إلى تشوه الجنيين وإلى إجهاض الحوامل.
لكن كثيراً من الدول تنبهت لذلك وبدأت تستخدم بنزين خالي من الرصاص للتقليل من مخاطر تلوث الهواء بالرصاص.
مركبات الكلوروفلوروكربون
تنتج هذه المركبات من صناعات عديدة أهمها الأيروسول التي تحمل المبيدات أو بعض مواد تصفيف الشعر أو مزيل روائح العرق وكذلك تستخدم مركبات الكلورفلوروكربون على هيئة سائل في أجهزة التكيف والتبريد ثلاجات المنازل. كما أن إحراق النفايات المنزلية إحراق غير كامل يؤدي إلى انتشار هذه المركبات في الجو.
يلاحظ تركز هذه المركبات في طبقات الجو على بعد 18كم فوق المناطق القطبية. وتقدر كمية هذه المركبات التي تنطلق في الجو بما يزيد على مليون طن سنوياً. وعند وصولها لطبقة الإستراتوسفبر التي تقع بها طبق الأوزون فإنها تتحلل بفعل الأشعة الفوق بنفسجية الموجودة في الشمس إلى ذرات الكلور والفلور التي تقوم بدورها بمهاجمة الأوزون وتحويله إلى أكسجين وبذلك تساهم على تحطيم طبقة الأوزون. ولقد تنبهت العديد من الدول لخطورة هذه المركبات وبدأت بعضها في حظر إنتاجها مثل الولايات المتحدة الأمريكية والسويد وكندا والنرويج وغيرها وذلك منذ عام 1982. وهناك محاولات أيضا لاستبدالها بمواد نافعة أخرى من بينها استعمال خليط من غاز البيوتان والماء ويطلق عليه اسم اكواصول aquasol ولا تحتوي على الكلور والفلور.
الغبار والمواد العالقة
كثير من المصانع تطلق أبخره في الجو تحتوي على مركبات شديدة السمية مثل مركبات الزرنيخ والفوسفور والكبريت والسلينوم. كما تحمل معها بعض المعادن الثقيلة كالزئبق والرصاص والكادميوم وغيرها وتبقي هذه المواد الشائبة معلقة في الهواء على هيئة رذاذ أو ضباب خفيف ويكون هذا التلوث واضحاً حول المصانع ولكن قد تحمله الرياح إلى أماكن أخرى.
عندما تهب رياحاً قوية على البحار والمحيطات, فإنها تحمل بعض الأملاح الذائبة على هيئة رذاذ أو بخار دقيق من الماء إلى مسافات طويلة داخل الشواطئ وتحمل هذه الشوائب في طبقة التربوسفير ثم تعود وتسقط على الأرض مع الأمطار أو الجليد. من خلال تحليل الجليد القطبي تبين انه يحتوى على أملاح الكلوريدات والنترات والكبريتات للعديد من المعادن مثل الصوديوم والبوتاسيوم والكالسيوم والمغنيسيوم وهذه الأملاح لا تتوفر إلا في البحار. وأيضا وجد في الجليد شوائب مثل النحاس والحديد والزنك والكوبالت والرصاص ولابد أنها نتجه من النشاط الصناعي. وعلى اليابسة, تعمل الرياح على حمل ونقل ذرات الغبار والرمل والتي قد تنتقل إلى مئات الكيلومترات, وتعتبر مصانع الأسمنت والمحاجر والكسارات مثل أهم مصادر الغبار في الهواء.
الكائنات الدقيقة أو الميكروبات
تنتشر في الهواء أنوع عديدة من البكتريا والفطريات في حالة ساكنة وتصيب الإنسان إذا توفرت الظروف الملائمة. ومن أجناس البكتريـــا، Yersina ، Streptococcus Mycobacterium ، Corynebactrium، أما الفـطـريـــات Pentium ،Candida ، Aspergillus ويعتبر فيروس الأنفلونزا أكثر الفيروسات انتشاراً في الهواء. تستخدم الميكروبات في الحروب الجرثومية لسهولة انتشارها في الهواء وتسبب أمراضاً فتاكة بالإنسان ومن اشهر هذه الميكروبات في وقتنا الحاضر الجمرة الخبيثة التي تسببها Bacillus anthrax ويعتبر الهواء موصل جيد للعدوى مثل الطاعون Pasture plague Upsets والجدري الذي يسببه فيروس Small pox.
أضرار تلوث الهواء على طبقة الأوزون
الأوزون Ozone غاز سام وشفاف يمل إلى الزرقة ويتكون الجزئ منه من ثلاث ذرات أوكسجين (O3). ويتواجد الأوزون في طبقتي الجو السفلي التربوسفير Troposphere وطبقة الجو العليا الأستراتوسفير. تعمل طبقة الأوزون على حماية الأرض من إشعاعات الشمس الضارة مثل الأشعة الفوق بنفسجية, وعندما يقل تركيز غاز الأوزون في هذه الطبقة فإن قدرته على امتصاص هذه الأشعة تقل مما يسمح بمرورها إلى الأرض وهو ما يعرف بثقوب الأوزون.
يتشكل الأوزون في طبقات الجو السفلى من الملوثات المنبعثة من وسائل النقل أو بعض المركبات التي تحوي الهيدروكربونات والفريون الذي يدخل في صناعة الثلاجات وأجهزة التكيف وكثير من الصناعات الأخرى مثل البخاخات المعطرة والمزيلة لرائحة العرق والتي تسمي ايروسول وفي الصناعات الإلكترونية من حاسبات وتلفزيونات وأجهزة استقبال وإرسال. وفي هذه الحالة يعتبر الأوزون من الملوثات الخطيرة على صحة الإنسان لأن تنفس قدر ضئيل منه يحدث تهيج في الجهاز التنفسي وقد يحدث الوفاة. أما الأوزون الموجود في طبقات الجو العليا فيتكون من تفاعل جزيئات الأوكسجين O2 مع الأكسجين الحر الذي ينتج من هذه انشطار هذه الجزيئات بفعل الأشعــة فوق البنفسجية.
مع بداية السبعينيات بدأ الاهتمام بالملوثات الصادرة من نشاط الإنسان علي طبقة الأوزون فقد وجد أن أكاسيد النيتروجين تعمل على تفكيك جزيئات الأوزون. وكذلك وجد أن مركبات الكلوروفلوروكربون (بعضها معروف صناعياً الفريون) تقوم بتفتيت جزئ الأوزون. يتمثل خطر هذه المادة في انبعاثها في الهواء وصعودها لطبقات الجو العليا وتحرر الكلور بفعل الأشعة فوق البنفسجية من مركبات الكلوروفلوروكربون وهذا الكلور هو الذي يعمل على تدمير الأوزون وهو أحد أسباب ثقوب الأوزون وتقليل نسبة في الغلاف الجوي. وتجدر الإشارة إلى أن غاز الكلوروفلوروكربون له عمر طويل قد يمتد قرناً أو يزيد. كما أن هناك غازات أخرى غير الكلور لها تأثير مدمر على الأوزون مثل الهيدروجين والنتروجين .
هناك أيضا عوادم الطائرات النفاثة والطائرات الأسرع من الصوت بما تلفظه من نتروجين من العادم الذي يدفعها للأمام ويؤدي إلى التلوث من جهة أخرى. إطلاق الصواريخ للفضاء تحرق كمية كبيرة من الوقود السائل أو الصلب وبذلك تخلف أطناناً من الغازات الضارة بطبقة الأوزون. فقد ورد في إحصائية روسية أن كل عملية إطلاق صاروخ "مكوك فضائي" تدمر مليون طن من غاز الأوزون. كما ثبت أن الدقيقتين الأولي من إطلاق المكوك والتي تمثل المرحلة الأولي في الصواريخ الحاملة للمكوك ينتج عنها 187 طناً من غاز الكلور ومركباته 17 طناً من أكسيد الألمنيوم.
الرادون
الرادون هي مادة تنتج عن التحلل الطبيعي للمواد المشعة مثل اليورانيوم والراديوم الموجودة في التربة. تختلف كمية الرادون في التربة حسب التركيب الكيميائي للتربة، وينتقل من التربة إلى الهواء مع ذرات الغبار. تعتمد سرعة وكمية دخوله إلى الهواء على حالة الطقس ونفاذية التربة وعلى درجة رطوبة التربة، ويصعب تمييز وجوده في الهواء لأنة لا يرى وليس له رائحة أو طعم. ويعتبر الرادون الموجود في الهواء سبب رئيسي لسرطان الرئة ويتسبب سنويا بموت آلاف الأشخاص. يتواجد الرادون في كل مكان تقريبا, في الهواء الخارجي والمنزلي ويشتد تركيزه كلما اقتربنا من سطح الأرض, فمثلا يكون تركيزه في الطبقات السفلى من البناية أكبر منه في الطبقات العليا، ويمكن التخفيف من تركيزه داخل المنزل عن طريق التهوية الجيدة.
الأسبستوس
الأسبستوس هو مجموعة من المعادن الطبيعية لهل القدرة على مقاومة الحرارة والتحلل الكيميائي, وتختلف عن باقي المعادن من خلال تركيبها البلوري الذي يكون على شكل ألياف رفيعة وطويلة. وبسبب مقدرته على تحمل الحرارة الشديدة، فإنه يستخدم بكثرة في أعمال البناء كعازل ضد الحرارة. لقد أظهرت الأبحاث العلمية والطبية التي أجريت على العمال أن الكثير من حالات السرطان والمشاكل التنفسية الأخرى مرتبطة بشكل كبير باستنشاق ألياف الأسبستوس أثناء العمل. وبسبب المخاوف من أي تأثير محتمل قد ينتج عن الأسبستوس المستخدم كعازل في بناء المدارس والجامعات, باشرت العديد من الدول بعملية إزالته من أبنيتها الرسمية. لكن عملية إزالته مكلفة جدا عدا على أن مثل هذه العملية قد تزيد من احتمال تعرض الناس له.
ما هو المجهول؟
في العام 1990 تم إجراء بعض التعديلات لقانون الهواء، وقد شمل هذه التعديل البنود المتعلقة بحد العتبة حيث نص على تخفيض الحد الأعلى لوجود بعض الملوثات في الجو مثل الأوزون وذرات الغبار. ولكن السؤال المطروح هو ما هي المكاسب الصحية من جراء هذا التعديل، ليس هناك أدنى شك أن الأوزون وذرات الغبار يسبب متاعب تنفسية عند أغلب الناس, ويلعب حجم الذرة وتفاعلها الكيميائي مع غازات التلوث في درجة تأثيرها على الصحة.
المخاطر والمعوقات
إن عملية تخفيض كمية الغازات المنبعثة إلى الجو هي عملية مكلفة وصعبة التطبيق. وحتى الآن فإن معظم الإجراءات التي تم اتخاذها للحد من هذه الغازات هي الإجراءات السهلة التطبيق والمجدية اقتصاديا. في كثير من المناطق، إن اتخاذ إجراءات أكثر صرامة يتطلب تغيير سلوك وتوجه الناس نحو البيئة، مثل وضع قيود على استخدام السيارات حتى نضمن الالتزام بالمواصفات المعدلة لجودة الهواء. إن تطبيق إجراءات صارمة ووضع قيود على الشركات المصنعة للسيارات من أجل تخفيض كمية ونوعية الغازات المنبعثة من عوادم السيارات يؤدي إلى ارتفاع في أسعارها، وهو ما يجبر الكثير من الناس على الاحتفاظ بسياراتهم القديمة والتي تكون غالبا غير مناسبة بيئيا.
لسوء الحظ، فإن عدد من الإجراءات التي اتخذت لتخفيض نسبة انبعاث الملوثات إلى الجو ساهمت في حدوث مشاكل بيئية أخرى. فغلى سبيل المثال، تم بناء المداخن المرتفعة لخفيف حدة الدخان والسناج في طبقة الهواء القريبة من سطح الأرض. نعم, نجحت هذه الطريقة في تخفيف التلوث الهوائي على المستوى المحلي، ولكن وفي نفس الوقت, فإن إطلاق هذه الغازات على ارتفاعات كبيرة أدى إلى تسهيل عملية اختلاطها مع بخار الماء في الجو لتكون النتيجة تشكل الأمطار الحمضية والتي قد تؤثر سلبيا على جودة المياه في مناطق بعيدة، أي أنة تم استبدال التأثير السلبي المحلي للدخان والسناج بالتأثير السلبي الإقليمي للأمطار الحمضية. أحد المشاكل البيئية التي ظهرت أيضا كانت جراء إضافة مادة (Methyl Tertiary-butyl ether MTEP) إلى البترول وهي مادة ممزوجة بالأكسجين تعمل على التخفيف من كمية الدخان المنبعث من المحركات وخاصة أول أكسيد الكربون وذلك عن طريق تسريع وتسهيل عملية الاحتراق، لكن تبين أن هذه المادة تسببت في تلويث المياه الجوفية، مما استدعى التوقف عن استخدامها. أن العديد من الإجراءات البيئية التي اتخذت للحد من مشكلة تلوث معين أدت في النهاية إلى ظهور تلوث من نوع أخر وربما يكون أكثر خطرا من الأول.
تلوث الهواء في المناطق الحضرية
تعتبر المناطق الحضرية الأكثر عرضة للتلوث الهوائي وخاصة من المصادر الصناعية مثل النقل والتصنيع ومحطات توليد الطاقة. وأحد أكثر مشاكل التلوث شيوعا في المناطق الحضرية هي ظاهرة الضبخنة أو الدخان المضبب (smog = smoke +fog) والذي يتشكل عند تفاعل الدخان المنبعث من السيارات ومحطات الطاقة مع أشعة الشمس ومكونات الهواء الأخرى مثل بخار الماء. وهناك أيضا الضبخنة الكيموضوئية أو الضبخنة البنية (photochemical smog or brown smog) والتي ينتج عنها غاز الأوزون، تتشكل هذه الظاهرة نتيجة لبعض التفاعلات الكيميائية المعقّدة والتي يدخل فيها أكاسيد النتروجين والهايدروكربون مع وجود أشعة الشمس وبخار الماء وغياب الرياح. لكن ظاهرة تشكل غاز الأوزون مؤقتة وتحدث فقط في الصيف وخلال ساعات النهار.
الضبخنة الصناعية أو الرمادية (Industrial or gray smog ) هي ظاهرة تحدث في الشتاء عند تفاعل ثاني أكسيد الكبريت وبخار الماء، وينتج عن هذه الظاهرة حامض الكبريت المحمول في الهواء. تعتبر الضبخنة الصناعية أكثر تأثيرا على الصحة من الضبخنة الكيموضوئية. لقد أدت هذه الظاهرة إلى هلاك عدد من الناس عام 1952في لندن وفي بنسلفانيا عام 1948.
تعتمد درجة التلوث الهوائي في المناطق الحضرية على الأحوال الجوية. أن سرعة الرياح واتجاهها والعوامل الجغرافية الأخرى تساعد على التخفيف من حدة التلوث الهوائي عن طريق تشتيته والتخفيف من تركيزه. وأحيانا تكون الأحوال الجوية سبب في تفاقم مشكلة التلوث، وتعرف هذه الأحوال الجوية بالانعكاس الهوائي. يحدث الانعكاس الهوائي عندما تقوم طبقة الهواء البارد العليا بعرقلة الصعود الطبيعي لطبقة الهواء الدافئة السفلى مما يتسبب في التقليل من قدرة الهواء على التحرك وتشتيت الملوثات. وكثيرا ما تحدث هذه الظاهرة في المناطق الحضرية المحاطة بالجبال, حيث تشكل الجبال حاجزا طبيعيا يمنع تحرك الهواء. كمل الحال في مدينة لوس أنجلوس التي تعتبر ملائمة جدا لظاهرة الضبخنة بسبب موقعها الجغرافي، إذ يحيطها من الشرق سلسلة جبال تعمل على حجز الهواء القادم من المحيط، هذا بالإضافة إلى جوها المشمس وكذلك تنشط فيها حركة سير كثيفة ومصانع عديدة.
المطر الحمضي
المطر هو بطبيعته حامضي نتيجة تفاعل بخار الماء مع مكونات الهواء الطبيعية مثل النيتروجين وثاني أكسيد الكربون. يعمل وجود ثاني أكسيد الكبريت وأكاسيد النيتروجين في الجو على رفع درجة حموضة مياه الأمطار، الثلوج، البرد، أو الضباب. تأتي هذه الغازات إلى الجو إما من مصادر طبيعية مثل البراكين أو رذاذ البحار أو من مصادر اصطناعية وخاصة نتيجة استخدام الفحم والوقود الاحفوري (البترول). أن الارتفاع في درجة حموضة مياه الأمطار يؤدي إلى تغيير في التركيب الكيميائي للتربة والبحيرات العذبة مما يلحق الضرر في النباتات والحياة البحرية مع أن هذا التغيير يتفاوت حسب نوعية التربة والنباتات وأيضا قدرة استيعاب المياه العذبة لهذا الارتفاع في الحموضة. ويمكن تلخيص أثر الأمطار الحمضية في النقاط التالية:
1. تؤدي إلى تفتيت الصخور وخاصة في التربة الجرانيتية، كذلك تؤدي الأمطار الحمضية إلى زيادة الحموضة في مياه البحيرات وبالتالي قد تسبب في عدم صلاحيتها للأسماك والكائنات الدقيقة.
2. تعمل على إذابة بعض المعادن أو الفلزات الهامة للنبات وتبعدها عن جذور النبات ومن أمثلة ذلك الكالسيوم والبوتاسيوم والمغنيسيوم التي يحملها مياه الأمطار الحمضية بعيداً عن جذور النباتات إلى المياه الجوفية وبذلك تقل جودة المحاصيل الزراعية، لذلك فإن الكثير من النباتات لم تستطع العيش مع الأمطار الحمضية فذبلت وماتت وهو بالتالي يؤدي إلى فقدان المحاصيل الزراعية والأخشاب من الغابات.
3. تآكل الأحجار الجيرية فقد لوحظ مثلا تأكل أو تفتت بعض أحجار برج لندن وكنيسة لودستمتستر. فقد بلغ عمق التآكل بضع سنتميترات نتيجة التفاعل بين غاز ثاني أكسيد الكبريت والأمطار التي تسقط على المدن من حين لآخر. كذلك شوهد أثر الأمطار الحمضية أو الترسيب الحمضي على الأكروديوليس في اليونان والكلولوسيم في إيطاليا وتاج محل في الهند وأبو الهول في مصر.
جودة الهواء في الدول النامية
أن إدخال أنظمة وقوانين للتحكم بالملوثات الهوائية وضبطها واستحداث تقنيات لتوفير الطاقة ساهم بشكل كبير تحسين جودة ونوعية الهواء في الولايات المتحدة في العقدان الماضيان. بينما تشهد الدول النامية التي تتوجه بشكل سريع نحو التمدن وتشجيع التصنيع هبوط خطير في مستوى جودة الهواء. ففي مدن مثل المكسيك وبانكوك والتي تعاني من النمو السكاني المتسارع وما ينتج عنة في ازدياد عدد السيارات والمنشئات الصناعية أصبحت تعاني أيضا من ارتفاع في نسبة الملوثات الهوائية وخاصة الرصاص الناتج عن استهلاك الوقود المحتوي على مادة الرصاص. تلوث الهواء المنزلي هو أيضا أحد المشاكل الصحية التي تعاني منها العديد من الدول النامية. ويأتي هذا التلوث من استخدام النار داخل المنزل للطهي أو للتدفئة والتي تسبب مشاكل تنفسية وخاصة بين الأطفال والنساء الذين يقضون معظم ساعات اليوم في المنزل.
جودة الهواء المنزلي
بعد الثورة الصناعية ونتيجة للتطور المستمر، تغير نضام حياة الناس فأصبحت معظم أعمالهم تتم في مكاتب داخل مباني مغلقة 80 – 90 % من وقتهم، والكثير يعملون ويأكلون وينامون ويشربون داخل هذه المباني التي يكون دورة الهواء مغلقاً وهذا ما جعل من قضية تلوث الهواء الداخلي أخطر من التلوث الخارجي. ومنذ السبعينات بدأ الضوء يتسلط على تلوث الهواء الداخلي ومن أهم مصادر تلوث الهواء الداخلي تدخين السجائر والأبخرة الناتجة من المفروشات أو مواد الدهانات وفي مجتمعنا البخور الذي يستخدم بكثرة داخل المباني بالإضافة إلى الفريون الناتج من أجهزة التكييف.
لقد أدى التطور في إنشاء المنازل والبنايات وتحسين وسائل عزلها عن الهواء الخارجي بهدف توفير الطاقة إلى إفساد جودة ونوعية الهواء الداخلي وخاصة في الأماكن قليلة التهوية، كما أن طبيعية الحياة العصرية تتطلب البقاء داخل الأماكن المغلقة أكثر من السابق. فكان لاستخدام النوافذ والأبواب العازلة والمحكمة الإغلاق الأثر الأكبر في منع أو التقليل من عملية تجدد الهواء مما يعني انحسار الملوثات داخل المنزل. في الدول المتطورة، يسود الاعتقاد بأن الازدياد في نسبة الأطفال الذين يعانون من مشاكل وأزمات تنفسية هو في الواقع نتيجة تعرضهم لتلوث الهواء المنزلي لفترات طويلة.
نظرة عامة
يستطيع الإنسان البقاء دون طعام لعدة أيام ولكنه لا يستطيع الاستغناء عن الهواء ألا لدقائق معدودة وبالتالي يجب أن يكون الهواء صالحاً للاستنشاق ولا يحتوي على ملوثات من شأنها أن تسبب ضاراً بالصحة العامة سواء علي المدى القريب أو البعيد. يتكون الغلاف الجوي الخالي من الملوثات من 78 % نيتروجين 21% أكسجين وحوالي 0.9% غاز أرجون والبقية عبارة عن كميات قليلة من ثاني أكسيد الكربون والنيون و الهليوم والهيدروجين بالإضافة إلى بخار الماء.
يستطيع الهواء أن يحتفظ بمكوناته في الظروف الطبيعية وحسب دورة الحياة في النظام البيئي، فالنبات مثلاً يأخذ ثاني أكسيد الكربون من الجو ويحتفظ بالكربون ويطلق الأوكسجين وتتنفس الكائنات الحية الأوكسجين وإذا زادت نسبة ثاني أكسيد الكربون في الجو فإن الفائض يذوب في البحار والمحيطات ويتفاعل مع أملاح الكالسيوم مكوناً كربونات الكالسيوم (الأحجار الجيرية) وبذلك تحفظ الطبيعة ذاتها.
يعتبر تلوث الهواء من أقدم المشاكل البيئية التي عرفها الإنسان حيث أن مصادرة الطبيعية متعددة كالبراكين، وقد بدأت مشاركة الإنسان في التلوث الهوائي بالظهور منذ أن بدأ الإنسان باستخدام النار في حياته اليومية للطهي وللتدفئة وغيرها. ومنذ ذلك الحين ما زالت هذه القضية في تفاقم مستمر وأصبحت تعد من أهم وأخطر القضايا البيئية على الإطلاق. وشهد العام 1300 صدور أول تشريع بيئي خاص بالهواء عندما أصدر الملك إدوارد الأول، ملك إنجلترا، مرسوما ملكيا يقضي بمنع حرق الفحم خلال فترة انعقاد المجلس.
يتميز التلوث الهوائي عن غيرة من أشكال التلوث في أنة سريع الانتشار حيث لا يقتصر تأثيره على منطقة المصدر وإنما يمتد إلى المناطق المجاورة والبعيدة، كذلك وبعكس أشكال التلوث الأخرى ( المياه العادمة والنفايات الصلبة وغيرها)، فإن التلوث الهوائي لا يمكن السيطرة علية بعد خروجه من المصدر لذا يجب التحكم به ومعالجته قبل خروجه إلى الجو, كما أنه غالبا ما يكون لا يرى بالعين المجردة بالإضافة إلى أنه متعدد المصادر. كل هذه الصفات تجعل من تلوث الهواء القضية البيئية الكبرى.
بدأت مشكلة تلوث الهواء تظهر بشكل فعلي وجدي بعد الحرب العالمية الثانية وظهور البترول وما تلاها من ثورة صناعية ورخاء اقتصادي. فقد انتشرت المصانع المختلفة التي تعمل على الفحم والبترول كما انتشرت السيارات واليات النقل المختلفة مما أدى إلى ارتفاع حاد في نسبة الملوثات الهوائية وذرات الغبار في الجو. لقد انصب اهتمام الناس بالتطور الصناعي والاقتصادي بدون النظر إلى أبعاده البيئية, وقد سبب هذا التطور على حساب البيئة العديد من الكوارث البيئية التي ظهرت فيما بعد والتي أودت بحياة الكثير من الناس، ففي العام 1952 أدى تفاعل التلوث الهوائي المفرط مع الضباب في مدينة لندن إلى ظهور ما يسمى الدخان المضبّب (الضبخنة) والذي أستمر لأيام وربما لأسابيع مما أدى إلى وفاة عدد كبير من الناس، وشهدت مدينة دونورا بولاية بنسلفانيا وضعا مشابها عام 1948. وكان لمثل هذه الأحداث أن دفعت الناس إلى إعادة التفكير بجدية بموضوع التلوث الهوائي وكيفية التخلص والوقاية منه. في أواخر عام 1940 بدأت أول جهود رسمية وحكومية لمكافحة التلوث الهوائي وتحسين جودة الهواء. وفي العام 1963 كان هناك أول تشريع خاص بجودة الهواء في أميركا، والذي كان له الأثر الإيجابي في تخفيف حدة التلوث وتحسين نوعية وجودة الهواء.
مصادر التلوث الهوائي
قبل الخوض في موضوع تلوث الهواء يجدر أن نلقي نظرة سريعة على الغلاف الجوي أو ما يسمى بالهواء والذي يمتد إلى عدة مئات من الكيلومترات فوق سطح الأرض. ويتكون الغلاف الجوي من ثلاث طبقات:
1. التربوسفير Troposphere وهي الطبقة التي تحدث فيها معظم التغيرات الجوية وهي التي فوق سطح الأرض وتتركز أنشطة الإنسان أو الحياة فيها.
2. الاستراتوسفير Stratosphere وهي الطبقة التي تقع فوق التربوسفير وتمتد من ارتفاع 20 إلى 80 كم. لا توجد تقلبات جوية في هذه الطبقة وبها تقع طبقة الأوزون التي تحمي سطح الأرض من مخاطر الأشعة فوق البنفسجية.
3. الأيونوسفير Ionosphere وهي الطبقة التي تقع فوق الاستراتوسفير وتمتد من ارتفاع 80 إلى 360 كم وتتميز هذه الطبقة بخفة غازاتها ويتركز فيها الهيدروجين والهليوم.
مصادر تلوث الهواء
تنقسم مصادر التلوث الهوائي إلى مصادر طبيعية ومصادر غير طبيعية "صناعية". تسمى الملوثات التي تنبعث مباشرة من المصدر إلى الجو بالملوثات الأولية، وتتعرض هذه الملوثات أحيانا لبعض التغييرات في الصفات والخواص الكيميائية نتيجة مرورها ببعض العمليات الكيميائية الطبيعية في الجو لتتحول إلى ملوثات ثانوية. فعلى سبيل المثال يعتبر غاز أول أكسيد الكربون، الذي ينتج عن عملية الاحتراق غير الكامل، من الملوثات الأولية وهو غاز ضار وسام, ويبقى على حالته هذه في الجو لفترة زمنية محددة قبل أن يتحول إلى غاز ثاني أكسيد الكربون (ملوث ثانوي) الأقل ضررا. وفي بعض الأحيان يكون الملوث الثانوي أكثر ضررا من الأولي، مثلا الأمطار الحمضية وهي تعتبر ملوثات ثانوية يكون لها ضررا أكبر على البيئة من الملوثات الأولية كثاني أكسيد الكبريت، وكذلك فإن تفاعل بعض الملوثات الأولية مثل أكاسيد النيتروجين والهايدروكربون مع أشعة الشمس وبوجود بخار الماء ينتج عنة ملوثات ثانوية أكثر سلبية على البيئة مثل غاز الأوزون.
المصادر طبيعية
وهي المصادر التي لا دخل للإنسان بها أي أنه لم يتسبب في حدوثها ويصعب التحكم بها وهي تلك الغازات المتصاعدة من التربة والبراكين وحرائق الغابات وكذلك الغبار الناتج من العواصف والرياح. وهذه المصادر عادة تكون محدودة في مناطق معينة ومواسم معينة وأضرارها ليست جسيمة إذا ما قورنت بالأخرى.
ومن الأمثلة لهذه الملوثات الطبيعية:
1. غازات ثاني أكسيد الكبريت، فلوريد الإيدروجين، وكلوريد الهيدروجين المتصاعدة من البراكين المضطربة.
2. أكاسيد النيتروجين الناتجة عن التفريغ الكهربي للسحب الرعدية.
3. كبريتيد الهيدروجين الناتج من انتزاع الغاز الطبيعي من جوف الأرض والمناجم أو بسبب البراكين ومن تحلل المواد العضوية المحتوية على الكبريت.
4. غاز الأوزون المتخلق ضوئياً في الهواء الجوي أو بسبب التفريغ الكهربي في السحب.
5. تساقط الأتربة المتخلفة عن الشهب والنيازك إلى طبقات الجو السطحية.
6. الأملاح التي تنتشر في الهواء بفعل الرياح والعواصف وتلك التي تحملها المخفضات والجبهات الجوية وتيارات الحمل الحرارية.
7. حبيبات لقاح النباتات.
8. الفطريات والبكتريا والميكروبات المختلفة التي تنتشر في الهواء سواء أكان مصدرها التربة أو نتيجة لتعفن الحيوانات والطيور الميتة والفضلات الآدمية.
9. المواد ذات النشاط الإشعاعي كتلك الموجودة في التربة وبعض صخور القشرة الأرضية وكذلك الناتجة عن تأين بعض الغازات بفعل الأشعة الكونية.
المصادر الغير طبيعية
وهي التي يحدثها أو يتسبب في حدوثها الإنسان وهي أخطر من السابقة وتثير القلق والاهتمام حيث أن مكوناتها أصبحت متعددة ومتنوعة وأحدثت خللاً في تركيبة الهواء الطبيعي وكذلك في التوازن البيئي وأهم تلك المصادر:
1. استخدام الوقود لإنتاج الطاقة
2. وسائل النقل البرى والبحري والجوى
3. النشاط الإشعاعي
4. النشاط السكاني ويتعلق بمخلفات المنازل من المواد الصلبة والسائلة وكذلك بسبب كثرة استخدام المبيدات الحشرية والمذيبات الصناعية.
5. النشاط الزراعي وكثرة استخدام المواد الكيماوية المختلفة في أغراض التسميد والزراعة
ما هي القضايا الناجمة عن التلوث الهوائي؟
تختلف تلوث الهواء من مكان لأخر حسب سرعة الرياح والظروف الجوية، فمثلا الضبخنة "دخان وضباب" وذرات السناج التي قد يصل قطرها إلى أقل من 0.1 مايكرومتر" تعمل على حجب الرؤية وتسبب متاعب صحية وبخاصة لكبار السن أو الذين يعانون من مشاكل تنفسية. أن هذا النوع من الملوثات هو في العادة محلي "من مصادر محلية" ولكنة قد ينتقل بفعل الرياح إلى مناطق بعيدة. ومن أنواع التلوث الأخرى هي تلوث الهواء بثاني أكسيد الكبريت وخاصة من محطات الطاقة التي تعتمد على الفحم وهناك أيضا أكاسيد النيتروجين الناتجة من عوادم السيارات. تعمل هذه الملوثات رفع درجة حموضة مياه الأمطار نتيجة امتصاصها لغاز ثاني أكسيد الكبريت وأكاسيد النيتروجين من الجو أثناء رحلة سقوطها إلى الأرض وهو ما يعرف بالمطر الحمضي. إن هذه الارتفاع في درجة الحموضة يؤثر سلبيا على التركيب الكيميائي للتربة وعلى المياه العذبة في البحيرات. فيما يلي عرض لبعض الملوثات الرئيسية في الهواء وأثرها على الصحة العامة:
غاز أول أكسيد الكربون
غاز سام عديم اللون والرائحة ينتج عن عمليات الاحتراق الغير كامل للوقود والمواد العضوية ويمثل أكبر نسبه من ملوثات الهواء. يختلف تركيز أول أكسيد الكربون في المناطق العمرانية باختلاف الظروف السائدة في كل من هذه المناطق وتعتمد أساساً على مدى كثافة حركة المرور ومن ثم فهي أكثر تركيزاً في النهار عنها في الليل ويؤثر أول أكسيد الكربون على الصحة العامة خاصة على هيموجلوبين الدم حيث أن له قابلية شديدة للاتحاد معه ومن ثم فإنه يؤثر تأثيراً خطيراً على عمليات التنفس في الكائنات الحية بما فيها الإنسان ويتسبب في كثير من حالات التسمم ويمكن الحد من تأثير أول أكسيد الكربون بتزويد البيئة المحيطة بالأكسجين الكافي لإتمام عملية التأكسد وتكوين ثاني أكسيد الكربون ويلزم ذلك لمواجهة حالات التسمم بالغاز.
يتحد أول أكسيد الكربون مع الهيموجلوبين مكوناً كربوكسي هيموجلوبين وبذلك يمنع الأكسجين من الاتحاد مع الهيموجلوبين وفي هذه الحالة يحرم الجسم من الحصول على الأوكسجين. وتعتمد سمية أول أكسيد الكربون علي تركيزه في الهواء المستنشق فتركيز 0,01% من أول أكسيد الكربون يعادل 20% من كربوكسي هيموجلوبين ويؤدي إلى :
1. شعور بالتعب
2. صعوبة التنفس
3. طنين في الأذن
في حين تركيز 0.1% من أول أكسيد الكربون يعادل 50% من كربوكسي هيموجلوبين ويؤدي إلى :
1. ضعف في القوة، ارتخاء في عضلات الجسم وبذلك لا يستطيع المصاب المشي خارج المكان.
2. ضعف في السمع.
3. نقص في الروية.
4. غثيان وقيء.
5. انخفاض ضغط الدم.
6. انخفاض في الحرارة.
7. ازدياد النبض مع ضعف في إحساسه.
8. أخيراً الإغماء والوفاة خلال ساعتين.
غاز ثاني أكسيد الكربون
يتكون غاز ثاني أكسيد الكربون من احتراق المواد العضوية كالورق والحطب والفحم وزيت البترول. ويعتبر غاز ثاني أكسيد الكربون الناتج من الوقود من أهم الملوثات التي أدخلها الإنسان على الهواء. أن عملية الاتزان البيئي التي تذيب غاز ثاني أكسيد الكربون الزائد في مياه البحار والمحيطات مكوناً حمضاً ضعيفاً يعرف باسم حمض الكربونيك ويتفاعل مع بعض الرواسب مكوناً بيكربونات وكربونات الكالسيوم. وتساهم النباتات أيضا في استخدام جزء كبير منه في عملية التمثيل الضوئي .
وتجدر الإشارة من جديد إلى أن الإسراف في استخدام الوقود وقطع الغابات أو التقليل من الساحات الخضراء ساهم في ارتفاع نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو والذي قد يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض وهو ما يعرف بالاحتباس الحراري.
إن زيادة ثاني أكسيد الكربون في الهواء تؤدي إلى صعوبة في التنفس والشعور بالاحتقان مع تهيج للأغشية المخاطية والتهاب القصبات الهوائية وتهيج الحلق.
غاز كبريتيد الهيدروجين
هو غاز ذو رائحة تشبه البيض الفاسد ويتكون من تحلل المواد العضوية مثل مياه الصرف الصحي. وهو غاز سام وقاتل ولا يختلف عن أول أكسيد الكربون حيث يتحد مع هيموجلوبين الدم محدثاً نقصاً في الأكسجين الذي يصل إلى الأنسجة والأعضاء الأخرى من الجسم.
وله التأثيرات التالية :
1. يؤثر هذا الغاز على الجهاز العصبي المركزي.
2. يؤدي إلى حدوث اضطراب وصعوبة في التنفس.
3. يسبب خمول في القدرة على التفكير.
4. يهيج ويخشن الأغشية المخاطية للجهاز التنفسي وملتحمة العين.
غاز ثاني أكسيد الكبريت
يحتوي الوقود الاحفوري "الفحم الحجري والبترول والغاز الطبيعي" على كميات متفاوتة من الكبريت، وأثناء عملية احتراق هذا الوقود، يتصاعد الكبريت مع الدخان على شكل ثاني أكسيد الكبريت. إن غاز ثاني أكسيد الكبريت عديم اللون نفاذ وكريه الرائحة له أثار ضارة إذا ما تواجد بمعدلات تزيد على 3 أ جزء في المليون في الهواء ويتحول ثاني أكسيد الكبريت في الهواء إلى حمض الكبريتيك نتيجة لتأكسده إلى ثالث أكسيد الكبريت وتفاعله مع بخار الماء. ولكل من ثاني أكسيد الكبريت وحمض الكبريتيك تأثيراً ضاراً بالجهاز التنفسي للإنسان والحيوان كما يشارك ثاني أكسيد الكبريت مع ملوثات أخرى في إحداث مشاكل بيئية منها الأمطار الحمضية، وفي الآونة الأخيرة تم اتخاذ بعض الإجراءات والتي من شأنها التقليل من استخدام مصادر الطاقة المحتوية على الكبريت.
أضرار غاز ثاني أكسيد الكبريت:
1. يؤثر على الجهاز التنفسي للإنسان محدثاً الآم في الصدر.
2. التهاب القصبات الهوائية وضيق التنفس.
3. التركيز العالية تسبب تشنج الحبال الصوتية وقد تؤدي إلى تشنج مفاجئ واختناق.
4. التعرض الطويل للغاز يؤثر على حاسة التذوق والشم وإلى التصلب الرئوي.
5. يسبب تهيج العيون وكذلك الجلد.
6. يسبب الأمطار الحمضية.
أكاسيد النيتروجين
يعتبر غاز ثاني أكسيد النتروجين من أكثر أكاسيد النيتروجين شيوعا وانتشارا. ينتج هذا الغاز عن عمليات احتراق الوقود في الهواء عند درجات حرارة مرتفعة، كذلك تنتج من احتراق المواد العضوية وأيضا من عوادم السيارات والشاحنات وبعض المنشآت الصناعية ومحطات توليد الطاقة التي تعمل على درجات حرارة مرتفعة. ويكون مع بخار الماء في الجو حمضاً قوياً هو حمض النتريك الذي يساهم أيضا في حدوث الأمطار الحمضية. كما يؤثر سلبيا عند وصوله طبقات الجو العليا على طبقة الأوزون.
أضرار غاز ثاني أكسيد النيتروجين
1. يؤدي إلى تهيج الأغشية المخاطية للمجاري التنفسية ويسبب أضرار في الرئة.
2. يؤدي إلى تهيج الأغشية المخاطية للعين.
3. يحدث ضرراً في طبقة الأوزون.
4. يكون الأمطار الحمضية.
الرصاص
يضاف الرصاص للبنزين وقود السيارات لزيادة معدل الأوكتان ويتم ذلك بإضافة tetra-ethyl lead وهذا هو البنزين المحتوي على الرصاص. يخرج الرصاص من عوادم السيارات إلى الهواء محدثاً تلوثاً به وخاصة في المدن المزدحمة والتي تستخدم وقود أو البنزين المحتوي على الرصاص.
أضرار الرصاص
1. يسبب الصداع والضعف العام وقد يؤدي للغيبوبة وإلى حدوث تشنجات قد تؤدي للوفاة.
2. يؤدي إلى إفراز حمض البوليك وتراكمه في المفاصل والكلى.
3. يقلل من تكوين الهيموجلوبين في الجسم.
4. يحل محل الكالسيوم في أنسجة العظام.
5. يؤدي إلى القلق النفسي والليلي.
6. يسبب التخلف العقلي لدى الأطفال.
7. تراكمه في الأجنة يؤدي إلى تشوه الجنيين وإلى إجهاض الحوامل.
لكن كثيراً من الدول تنبهت لذلك وبدأت تستخدم بنزين خالي من الرصاص للتقليل من مخاطر تلوث الهواء بالرصاص.
مركبات الكلوروفلوروكربون
تنتج هذه المركبات من صناعات عديدة أهمها الأيروسول التي تحمل المبيدات أو بعض مواد تصفيف الشعر أو مزيل روائح العرق وكذلك تستخدم مركبات الكلورفلوروكربون على هيئة سائل في أجهزة التكيف والتبريد ثلاجات المنازل. كما أن إحراق النفايات المنزلية إحراق غير كامل يؤدي إلى انتشار هذه المركبات في الجو.
يلاحظ تركز هذه المركبات في طبقات الجو على بعد 18كم فوق المناطق القطبية. وتقدر كمية هذه المركبات التي تنطلق في الجو بما يزيد على مليون طن سنوياً. وعند وصولها لطبقة الإستراتوسفبر التي تقع بها طبق الأوزون فإنها تتحلل بفعل الأشعة الفوق بنفسجية الموجودة في الشمس إلى ذرات الكلور والفلور التي تقوم بدورها بمهاجمة الأوزون وتحويله إلى أكسجين وبذلك تساهم على تحطيم طبقة الأوزون. ولقد تنبهت العديد من الدول لخطورة هذه المركبات وبدأت بعضها في حظر إنتاجها مثل الولايات المتحدة الأمريكية والسويد وكندا والنرويج وغيرها وذلك منذ عام 1982. وهناك محاولات أيضا لاستبدالها بمواد نافعة أخرى من بينها استعمال خليط من غاز البيوتان والماء ويطلق عليه اسم اكواصول aquasol ولا تحتوي على الكلور والفلور.
الغبار والمواد العالقة
كثير من المصانع تطلق أبخره في الجو تحتوي على مركبات شديدة السمية مثل مركبات الزرنيخ والفوسفور والكبريت والسلينوم. كما تحمل معها بعض المعادن الثقيلة كالزئبق والرصاص والكادميوم وغيرها وتبقي هذه المواد الشائبة معلقة في الهواء على هيئة رذاذ أو ضباب خفيف ويكون هذا التلوث واضحاً حول المصانع ولكن قد تحمله الرياح إلى أماكن أخرى.
عندما تهب رياحاً قوية على البحار والمحيطات, فإنها تحمل بعض الأملاح الذائبة على هيئة رذاذ أو بخار دقيق من الماء إلى مسافات طويلة داخل الشواطئ وتحمل هذه الشوائب في طبقة التربوسفير ثم تعود وتسقط على الأرض مع الأمطار أو الجليد. من خلال تحليل الجليد القطبي تبين انه يحتوى على أملاح الكلوريدات والنترات والكبريتات للعديد من المعادن مثل الصوديوم والبوتاسيوم والكالسيوم والمغنيسيوم وهذه الأملاح لا تتوفر إلا في البحار. وأيضا وجد في الجليد شوائب مثل النحاس والحديد والزنك والكوبالت والرصاص ولابد أنها نتجه من النشاط الصناعي. وعلى اليابسة, تعمل الرياح على حمل ونقل ذرات الغبار والرمل والتي قد تنتقل إلى مئات الكيلومترات, وتعتبر مصانع الأسمنت والمحاجر والكسارات مثل أهم مصادر الغبار في الهواء.
الكائنات الدقيقة أو الميكروبات
تنتشر في الهواء أنوع عديدة من البكتريا والفطريات في حالة ساكنة وتصيب الإنسان إذا توفرت الظروف الملائمة. ومن أجناس البكتريـــا، Yersina ، Streptococcus Mycobacterium ، Corynebactrium، أما الفـطـريـــات Pentium ،Candida ، Aspergillus ويعتبر فيروس الأنفلونزا أكثر الفيروسات انتشاراً في الهواء. تستخدم الميكروبات في الحروب الجرثومية لسهولة انتشارها في الهواء وتسبب أمراضاً فتاكة بالإنسان ومن اشهر هذه الميكروبات في وقتنا الحاضر الجمرة الخبيثة التي تسببها Bacillus anthrax ويعتبر الهواء موصل جيد للعدوى مثل الطاعون Pasture plague Upsets والجدري الذي يسببه فيروس Small pox.
أضرار تلوث الهواء على طبقة الأوزون
الأوزون Ozone غاز سام وشفاف يمل إلى الزرقة ويتكون الجزئ منه من ثلاث ذرات أوكسجين (O3). ويتواجد الأوزون في طبقتي الجو السفلي التربوسفير Troposphere وطبقة الجو العليا الأستراتوسفير. تعمل طبقة الأوزون على حماية الأرض من إشعاعات الشمس الضارة مثل الأشعة الفوق بنفسجية, وعندما يقل تركيز غاز الأوزون في هذه الطبقة فإن قدرته على امتصاص هذه الأشعة تقل مما يسمح بمرورها إلى الأرض وهو ما يعرف بثقوب الأوزون.
يتشكل الأوزون في طبقات الجو السفلى من الملوثات المنبعثة من وسائل النقل أو بعض المركبات التي تحوي الهيدروكربونات والفريون الذي يدخل في صناعة الثلاجات وأجهزة التكيف وكثير من الصناعات الأخرى مثل البخاخات المعطرة والمزيلة لرائحة العرق والتي تسمي ايروسول وفي الصناعات الإلكترونية من حاسبات وتلفزيونات وأجهزة استقبال وإرسال. وفي هذه الحالة يعتبر الأوزون من الملوثات الخطيرة على صحة الإنسان لأن تنفس قدر ضئيل منه يحدث تهيج في الجهاز التنفسي وقد يحدث الوفاة. أما الأوزون الموجود في طبقات الجو العليا فيتكون من تفاعل جزيئات الأوكسجين O2 مع الأكسجين الحر الذي ينتج من هذه انشطار هذه الجزيئات بفعل الأشعــة فوق البنفسجية.
مع بداية السبعينيات بدأ الاهتمام بالملوثات الصادرة من نشاط الإنسان علي طبقة الأوزون فقد وجد أن أكاسيد النيتروجين تعمل على تفكيك جزيئات الأوزون. وكذلك وجد أن مركبات الكلوروفلوروكربون (بعضها معروف صناعياً الفريون) تقوم بتفتيت جزئ الأوزون. يتمثل خطر هذه المادة في انبعاثها في الهواء وصعودها لطبقات الجو العليا وتحرر الكلور بفعل الأشعة فوق البنفسجية من مركبات الكلوروفلوروكربون وهذا الكلور هو الذي يعمل على تدمير الأوزون وهو أحد أسباب ثقوب الأوزون وتقليل نسبة في الغلاف الجوي. وتجدر الإشارة إلى أن غاز الكلوروفلوروكربون له عمر طويل قد يمتد قرناً أو يزيد. كما أن هناك غازات أخرى غير الكلور لها تأثير مدمر على الأوزون مثل الهيدروجين والنتروجين .
هناك أيضا عوادم الطائرات النفاثة والطائرات الأسرع من الصوت بما تلفظه من نتروجين من العادم الذي يدفعها للأمام ويؤدي إلى التلوث من جهة أخرى. إطلاق الصواريخ للفضاء تحرق كمية كبيرة من الوقود السائل أو الصلب وبذلك تخلف أطناناً من الغازات الضارة بطبقة الأوزون. فقد ورد في إحصائية روسية أن كل عملية إطلاق صاروخ "مكوك فضائي" تدمر مليون طن من غاز الأوزون. كما ثبت أن الدقيقتين الأولي من إطلاق المكوك والتي تمثل المرحلة الأولي في الصواريخ الحاملة للمكوك ينتج عنها 187 طناً من غاز الكلور ومركباته 17 طناً من أكسيد الألمنيوم.
الرادون
الرادون هي مادة تنتج عن التحلل الطبيعي للمواد المشعة مثل اليورانيوم والراديوم الموجودة في التربة. تختلف كمية الرادون في التربة حسب التركيب الكيميائي للتربة، وينتقل من التربة إلى الهواء مع ذرات الغبار. تعتمد سرعة وكمية دخوله إلى الهواء على حالة الطقس ونفاذية التربة وعلى درجة رطوبة التربة، ويصعب تمييز وجوده في الهواء لأنة لا يرى وليس له رائحة أو طعم. ويعتبر الرادون الموجود في الهواء سبب رئيسي لسرطان الرئة ويتسبب سنويا بموت آلاف الأشخاص. يتواجد الرادون في كل مكان تقريبا, في الهواء الخارجي والمنزلي ويشتد تركيزه كلما اقتربنا من سطح الأرض, فمثلا يكون تركيزه في الطبقات السفلى من البناية أكبر منه في الطبقات العليا، ويمكن التخفيف من تركيزه داخل المنزل عن طريق التهوية الجيدة.
الأسبستوس
الأسبستوس هو مجموعة من المعادن الطبيعية لهل القدرة على مقاومة الحرارة والتحلل الكيميائي, وتختلف عن باقي المعادن من خلال تركيبها البلوري الذي يكون على شكل ألياف رفيعة وطويلة. وبسبب مقدرته على تحمل الحرارة الشديدة، فإنه يستخدم بكثرة في أعمال البناء كعازل ضد الحرارة. لقد أظهرت الأبحاث العلمية والطبية التي أجريت على العمال أن الكثير من حالات السرطان والمشاكل التنفسية الأخرى مرتبطة بشكل كبير باستنشاق ألياف الأسبستوس أثناء العمل. وبسبب المخاوف من أي تأثير محتمل قد ينتج عن الأسبستوس المستخدم كعازل في بناء المدارس والجامعات, باشرت العديد من الدول بعملية إزالته من أبنيتها الرسمية. لكن عملية إزالته مكلفة جدا عدا على أن مثل هذه العملية قد تزيد من احتمال تعرض الناس له.
ما هو المجهول؟
في العام 1990 تم إجراء بعض التعديلات لقانون الهواء، وقد شمل هذه التعديل البنود المتعلقة بحد العتبة حيث نص على تخفيض الحد الأعلى لوجود بعض الملوثات في الجو مثل الأوزون وذرات الغبار. ولكن السؤال المطروح هو ما هي المكاسب الصحية من جراء هذا التعديل، ليس هناك أدنى شك أن الأوزون وذرات الغبار يسبب متاعب تنفسية عند أغلب الناس, ويلعب حجم الذرة وتفاعلها الكيميائي مع غازات التلوث في درجة تأثيرها على الصحة.
المخاطر والمعوقات
إن عملية تخفيض كمية الغازات المنبعثة إلى الجو هي عملية مكلفة وصعبة التطبيق. وحتى الآن فإن معظم الإجراءات التي تم اتخاذها للحد من هذه الغازات هي الإجراءات السهلة التطبيق والمجدية اقتصاديا. في كثير من المناطق، إن اتخاذ إجراءات أكثر صرامة يتطلب تغيير سلوك وتوجه الناس نحو البيئة، مثل وضع قيود على استخدام السيارات حتى نضمن الالتزام بالمواصفات المعدلة لجودة الهواء. إن تطبيق إجراءات صارمة ووضع قيود على الشركات المصنعة للسيارات من أجل تخفيض كمية ونوعية الغازات المنبعثة من عوادم السيارات يؤدي إلى ارتفاع في أسعارها، وهو ما يجبر الكثير من الناس على الاحتفاظ بسياراتهم القديمة والتي تكون غالبا غير مناسبة بيئيا.
لسوء الحظ، فإن عدد من الإجراءات التي اتخذت لتخفيض نسبة انبعاث الملوثات إلى الجو ساهمت في حدوث مشاكل بيئية أخرى. فغلى سبيل المثال، تم بناء المداخن المرتفعة لخفيف حدة الدخان والسناج في طبقة الهواء القريبة من سطح الأرض. نعم, نجحت هذه الطريقة في تخفيف التلوث الهوائي على المستوى المحلي، ولكن وفي نفس الوقت, فإن إطلاق هذه الغازات على ارتفاعات كبيرة أدى إلى تسهيل عملية اختلاطها مع بخار الماء في الجو لتكون النتيجة تشكل الأمطار الحمضية والتي قد تؤثر سلبيا على جودة المياه في مناطق بعيدة، أي أنة تم استبدال التأثير السلبي المحلي للدخان والسناج بالتأثير السلبي الإقليمي للأمطار الحمضية. أحد المشاكل البيئية التي ظهرت أيضا كانت جراء إضافة مادة (Methyl Tertiary-butyl ether MTEP) إلى البترول وهي مادة ممزوجة بالأكسجين تعمل على التخفيف من كمية الدخان المنبعث من المحركات وخاصة أول أكسيد الكربون وذلك عن طريق تسريع وتسهيل عملية الاحتراق، لكن تبين أن هذه المادة تسببت في تلويث المياه الجوفية، مما استدعى التوقف عن استخدامها. أن العديد من الإجراءات البيئية التي اتخذت للحد من مشكلة تلوث معين أدت في النهاية إلى ظهور تلوث من نوع أخر وربما يكون أكثر خطرا من الأول.
تلوث الهواء في المناطق الحضرية
تعتبر المناطق الحضرية الأكثر عرضة للتلوث الهوائي وخاصة من المصادر الصناعية مثل النقل والتصنيع ومحطات توليد الطاقة. وأحد أكثر مشاكل التلوث شيوعا في المناطق الحضرية هي ظاهرة الضبخنة أو الدخان المضبب (smog = smoke +fog) والذي يتشكل عند تفاعل الدخان المنبعث من السيارات ومحطات الطاقة مع أشعة الشمس ومكونات الهواء الأخرى مثل بخار الماء. وهناك أيضا الضبخنة الكيموضوئية أو الضبخنة البنية (photochemical smog or brown smog) والتي ينتج عنها غاز الأوزون، تتشكل هذه الظاهرة نتيجة لبعض التفاعلات الكيميائية المعقّدة والتي يدخل فيها أكاسيد النتروجين والهايدروكربون مع وجود أشعة الشمس وبخار الماء وغياب الرياح. لكن ظاهرة تشكل غاز الأوزون مؤقتة وتحدث فقط في الصيف وخلال ساعات النهار.
الضبخنة الصناعية أو الرمادية (Industrial or gray smog ) هي ظاهرة تحدث في الشتاء عند تفاعل ثاني أكسيد الكبريت وبخار الماء، وينتج عن هذه الظاهرة حامض الكبريت المحمول في الهواء. تعتبر الضبخنة الصناعية أكثر تأثيرا على الصحة من الضبخنة الكيموضوئية. لقد أدت هذه الظاهرة إلى هلاك عدد من الناس عام 1952في لندن وفي بنسلفانيا عام 1948.
تعتمد درجة التلوث الهوائي في المناطق الحضرية على الأحوال الجوية. أن سرعة الرياح واتجاهها والعوامل الجغرافية الأخرى تساعد على التخفيف من حدة التلوث الهوائي عن طريق تشتيته والتخفيف من تركيزه. وأحيانا تكون الأحوال الجوية سبب في تفاقم مشكلة التلوث، وتعرف هذه الأحوال الجوية بالانعكاس الهوائي. يحدث الانعكاس الهوائي عندما تقوم طبقة الهواء البارد العليا بعرقلة الصعود الطبيعي لطبقة الهواء الدافئة السفلى مما يتسبب في التقليل من قدرة الهواء على التحرك وتشتيت الملوثات. وكثيرا ما تحدث هذه الظاهرة في المناطق الحضرية المحاطة بالجبال, حيث تشكل الجبال حاجزا طبيعيا يمنع تحرك الهواء. كمل الحال في مدينة لوس أنجلوس التي تعتبر ملائمة جدا لظاهرة الضبخنة بسبب موقعها الجغرافي، إذ يحيطها من الشرق سلسلة جبال تعمل على حجز الهواء القادم من المحيط، هذا بالإضافة إلى جوها المشمس وكذلك تنشط فيها حركة سير كثيفة ومصانع عديدة.
المطر الحمضي
المطر هو بطبيعته حامضي نتيجة تفاعل بخار الماء مع مكونات الهواء الطبيعية مثل النيتروجين وثاني أكسيد الكربون. يعمل وجود ثاني أكسيد الكبريت وأكاسيد النيتروجين في الجو على رفع درجة حموضة مياه الأمطار، الثلوج، البرد، أو الضباب. تأتي هذه الغازات إلى الجو إما من مصادر طبيعية مثل البراكين أو رذاذ البحار أو من مصادر اصطناعية وخاصة نتيجة استخدام الفحم والوقود الاحفوري (البترول). أن الارتفاع في درجة حموضة مياه الأمطار يؤدي إلى تغيير في التركيب الكيميائي للتربة والبحيرات العذبة مما يلحق الضرر في النباتات والحياة البحرية مع أن هذا التغيير يتفاوت حسب نوعية التربة والنباتات وأيضا قدرة استيعاب المياه العذبة لهذا الارتفاع في الحموضة. ويمكن تلخيص أثر الأمطار الحمضية في النقاط التالية:
1. تؤدي إلى تفتيت الصخور وخاصة في التربة الجرانيتية، كذلك تؤدي الأمطار الحمضية إلى زيادة الحموضة في مياه البحيرات وبالتالي قد تسبب في عدم صلاحيتها للأسماك والكائنات الدقيقة.
2. تعمل على إذابة بعض المعادن أو الفلزات الهامة للنبات وتبعدها عن جذور النبات ومن أمثلة ذلك الكالسيوم والبوتاسيوم والمغنيسيوم التي يحملها مياه الأمطار الحمضية بعيداً عن جذور النباتات إلى المياه الجوفية وبذلك تقل جودة المحاصيل الزراعية، لذلك فإن الكثير من النباتات لم تستطع العيش مع الأمطار الحمضية فذبلت وماتت وهو بالتالي يؤدي إلى فقدان المحاصيل الزراعية والأخشاب من الغابات.
3. تآكل الأحجار الجيرية فقد لوحظ مثلا تأكل أو تفتت بعض أحجار برج لندن وكنيسة لودستمتستر. فقد بلغ عمق التآكل بضع سنتميترات نتيجة التفاعل بين غاز ثاني أكسيد الكبريت والأمطار التي تسقط على المدن من حين لآخر. كذلك شوهد أثر الأمطار الحمضية أو الترسيب الحمضي على الأكروديوليس في اليونان والكلولوسيم في إيطاليا وتاج محل في الهند وأبو الهول في مصر.
جودة الهواء في الدول النامية
أن إدخال أنظمة وقوانين للتحكم بالملوثات الهوائية وضبطها واستحداث تقنيات لتوفير الطاقة ساهم بشكل كبير تحسين جودة ونوعية الهواء في الولايات المتحدة في العقدان الماضيان. بينما تشهد الدول النامية التي تتوجه بشكل سريع نحو التمدن وتشجيع التصنيع هبوط خطير في مستوى جودة الهواء. ففي مدن مثل المكسيك وبانكوك والتي تعاني من النمو السكاني المتسارع وما ينتج عنة في ازدياد عدد السيارات والمنشئات الصناعية أصبحت تعاني أيضا من ارتفاع في نسبة الملوثات الهوائية وخاصة الرصاص الناتج عن استهلاك الوقود المحتوي على مادة الرصاص. تلوث الهواء المنزلي هو أيضا أحد المشاكل الصحية التي تعاني منها العديد من الدول النامية. ويأتي هذا التلوث من استخدام النار داخل المنزل للطهي أو للتدفئة والتي تسبب مشاكل تنفسية وخاصة بين الأطفال والنساء الذين يقضون معظم ساعات اليوم في المنزل.
جودة الهواء المنزلي
بعد الثورة الصناعية ونتيجة للتطور المستمر، تغير نضام حياة الناس فأصبحت معظم أعمالهم تتم في مكاتب داخل مباني مغلقة 80 – 90 % من وقتهم، والكثير يعملون ويأكلون وينامون ويشربون داخل هذه المباني التي يكون دورة الهواء مغلقاً وهذا ما جعل من قضية تلوث الهواء الداخلي أخطر من التلوث الخارجي. ومنذ السبعينات بدأ الضوء يتسلط على تلوث الهواء الداخلي ومن أهم مصادر تلوث الهواء الداخلي تدخين السجائر والأبخرة الناتجة من المفروشات أو مواد الدهانات وفي مجتمعنا البخور الذي يستخدم بكثرة داخل المباني بالإضافة إلى الفريون الناتج من أجهزة التكييف.
لقد أدى التطور في إنشاء المنازل والبنايات وتحسين وسائل عزلها عن الهواء الخارجي بهدف توفير الطاقة إلى إفساد جودة ونوعية الهواء الداخلي وخاصة في الأماكن قليلة التهوية، كما أن طبيعية الحياة العصرية تتطلب البقاء داخل الأماكن المغلقة أكثر من السابق. فكان لاستخدام النوافذ والأبواب العازلة والمحكمة الإغلاق الأثر الأكبر في منع أو التقليل من عملية تجدد الهواء مما يعني انحسار الملوثات داخل المنزل. في الدول المتطورة، يسود الاعتقاد بأن الازدياد في نسبة الأطفال الذين يعانون من مشاكل وأزمات تنفسية هو في الواقع نتيجة تعرضهم لتلوث الهواء المنزلي لفترات طويلة.