الإفراط في الفيتامينات.. إذا زادت عن الحد انقلبت إلى الضد
الفئات الرئيسية للموضوع
الصيدلية
في الأحوال الطبيعية يستطيع جسم الإنسان توفير احتياجاته الضرورية من الفيتامينات بأنواعها من الطعام والشراب عند حصوله على كميات كافية منهما، لكن يلجأ بعض الناس إلى كثرة تناول المستحضرات الصيدلانية بشكل يومي على شكل أقراص أو محافظ جيلاتينية لخليط من الفيتامينات أو واحد أو أكثر منها، يأخذونها أحيانًا دون استشارتهم الأطباء، لاعتقادهم بفوائدها الصحية في الوقاية من ظهور أعراض نقصها في أجسامهم وبأنها تزيد مقاومتهم ضد الإصابة بالأمراض وتجعلهم يشعرون بأنهم أفضل صحيًا. وقد يفرطون في الكمية التي يستعملونها منها اعتقادًا بفائدة ذلك لأجسامهم ويغيب عن أذهانهم المثل الشائع القائل: «كل شيء زاد عن حده انقلب إلى ضده».
ويصف الأطباء استعمال هذه المركبات لتصحيح حالات نقصها والوقاية من ظهور أعراضها الصحية وعند زيادة حاجة الجسم إليها كما في حالتي الحمل والرضاع للمرأة. ويجهل الكثير من الناس أضرار تناول مقادير كبيرة من الفيتامينات بشكل مستمر على أجسامهم نتيجة ضعف وعيهم الصحي، ويؤدي حصول الإنسان على كميات كبيرة من الفيتامينات الذائبة في الدهون وهي فيتامين «أ ـ د ـ ك ـ ي» إلى تجمعها في الأنسجة وتسبب حدوث بعض المشكلات الصحية في الجسم فيما يسمى حالة فرط الفيتامين في الجسم، بينما يخرج معظم الفائض عن احتياجات الجسم من الفيتامينات الذائبة في الماء وهي فيتامين «ج» ومجموعة «ب» المركب الممتصة في الأمعاء أو المأخوذة عن طريق الحقن بالعضل أو الوريد مع البول عن طريق الكليتين، لذا فهي تسبب غالبًا ظهور أعراض صحية لحالة التسمم بها بدرجة أقل حدة من الفيتامينات الأخرى.
تصنيف الفيتامينات
الفيتامينات هي مركبات كيماوية ذات طبيعة عضوية توجد بمقادير صغيرة جدًا في الأغذية، وهي ضرورية لنمو الإنسان وأداء خلايا جسمه وظائفها الحيوية، وهي تسهل استخدام الخلايا لعناصر إنتاج الطاقة وهي الكربوهيدرات والبروتينات والدهون، وتستعمل المستحضرات الدوائية للفيتامينات على شكل أقراص تؤخذ عن طريق الفم أو محافظ جيلاتينية أو شراب أو محلول يحقن بالعضل أو بالوريد عند شكوى المريض من سوء امتصاصها في أمعائه، ويصنف العلماء الفيتامينات إلى مجموعتين رئيستين هما:
1ـ الفيتامينات الذائبة في الدهون وهي تشمل «أ، د، ك، ي».
2ـ الفيتامينات الذائبة في الماء: وهي تضم حمض الإسكوربيك (فيتامين ج) ومجموعة فيتامين «ب» المركب وتشمل الثيامين (فيتامين ب1) والريبوفلافين (فيتامين ب2) والبيرودوكسين ومركباته (فيتامين ب6) وسيانو كوبالامين (فيتامين ب12) والنياسين (حمض النيكوتينيك ومركباته) وحمض الفوليك وحمض البانتوثنيك والبيوتين والكولين.
وتقاس كميات الفيتامينات الذائبة بالدهون في التغذية بالوحدات الدولية I.N، وتعتمد الوحدة المستعملة من الفيتامينات على ردود فعل جسم الإنسان لها مثل معدل النمو، وتجرى الاختبارات الخاصة بذلك على حيوانات التجارب بإعطائها جرعات قياسية منها، وحددت المقادير المطلوبة لجسم الإنسان خلال مراحل نموه من الفيتامينات الذائبة في الماء بالمليجرام مثل حمض الإسكوربيك (فيتامين ج) والكولين والثيامين والريبوفلافين والنياسين.
طرق دخولها إلى الجسم:
تمتص الفيتامينات الذائبة في الدهون الموجودة في الأغذية كاللحوم والألبان والبيض أو من مستحضراتها الدوائية على شكل أقراص أو كبسولات جيلاتينية مع دقائق الكيلوس المحتوية على الأحماض الدهنية بالأمعاء عن طريق الليمف ثم تأخذ طريقها إلى الدم، بينما تمتص الفيتامينات الذائبة بالماء عبر جدار الأمعاء ثم تنتقل عبر الوريد البابي إلى الكبد لتنظيم عمليات الاستفادة منها في خلايا الجسم، فتحتفظ بعض أعضاء الجسم بجزء صغير جدًا من الفيتامينات الذائبة في الماء، ويخرج معظم الفائض منها عن طريق الكليتين مع البول، ولا تحدث حالة فرط الفيتامين في الجسم عند حصول الإنسان على الفيتامينات من مصادرها الغذائية في الطعام، وإنما عند تناوله جرعات كبيرة من مستحضراتها الدوائية.، ويحدث فقد متباين في الفيتامينات نتيجة عمليات تحضير وطبخ الأغذية المحتوية عليها.
التسمم بالفيتامينات:
تحدث حالة فرط كمية الفيتامينات أو حالة التسمم بالفيتامينات اصطلاحًا في جسم الإنسان نتيجة تناوله كميات كبيرة من المستحضرات الصيدلانية منها في أحوال عديدة أهمها:
* سوء استخدام المرضى المستحضرات الدوائية للفيتامينات التي يصفها أطباؤهم في علاج حالات نقصها في أجسامهم مثل فيتامين «د» في علاج مرض الكساح في الأطفال ولين العظام في النساء بشكل خاص، كما تؤدي الإصابة ببعض الأمراض أو استعمال بعض الأدوية في العلاج إلى زيادة حاجة جسم المريض للحصول على جرعات أكبر من الفيتامينات مما قد تؤدي إلى إفراطه في الكميات التي يستعملها وحدوث ما يسمى حالة فرط الفيتامين في الجسم أو التسمم بالفيتامين، فمثلاً تزداد حاجة جسم المريض إلى فيتامين «د» وحمض الفوليك عند استخدامه الأدوية المضادة للتشنج في علاجه.
* نتيجة اعتقادات خاطئة في أذهان بعض الناس عن فائدة تناولهم المستمر للمستحضرات الصيدلانية لبعض الفيتامينات لزيادة مقاومة أجسامهم ضد الأمراض، فمثلاً يتناول البعض أقراص فيتامين «ج» خلال فصل الشتاء اعتقادًا بفائدته في زيادة مقاومة أجسامهم للإصابة بأمراض البرد كالزكام والإنفلونزا، لكن لم تؤكد الدراسات العلمية الحديثة هذه الفائدة.
* عند استعمال فيتامين معين أو أكثر فترة طويلة في علاج بعض الأمراض مثل استخدام النياسين (وهو أحد أفراد فيتامين ب المركب) في علاج حالة ارتفاع دهون الدم والكوليسترول بالدم فيؤدي تناول مقادير كبيرة من هذا الفيتامين فترة طويلة إلى ظهور الأعراض الصحية الجانبية لسوء استعماله في العلاج.
الكاروتينات
هناك أنواع عديدة من مركبات الكاروتين مثل ألفا وبيتا، وتكون الكاروتينات من نوع بيتا مولدة لفيتامين «أ» وهي توجد في الحليب البقري فتكسبه صفرة في لونه، لكنها لا توجد في حليب الأغنام فيكون لونه أبيض وإنما يحتوي على فيتامين «أ». كما توجد في بعض الخضراوات وثمار الفواكه، فيؤدي تناول الإنسان كميات كبيرة من مركب بيتا كاروتين الموجود بوفرة في ثمار الفواكه والخضراوات ذات اللون الأصفر إلى ارتفاع مستواه بالدم وهي نادرة الحدوث ويتلون فيها الجلد بالأصفر ـ البرتقالي وخصوصًا في راحة اليدين وأخمص القدمين ويختفي ذلك عند توقف المريض عن تناول كميات كبيرة من مركبات الكاروتين. وقد تحدث هذه الحالة عند الإفراط في أكل الجزر الأصفر أو شرب عصيره لأنه ذو محتوى مرتفع من الكاروتينات. ويستطيع الطبيب تمييز حالة ارتفاع تركيز الكاروتين في الدم غير الضارة صحيًا عن حدوث اليرقان نتيجة الإصابة بقصور كبدي وفيها يتلون بياض العينين للمريض بالأصفر.
فيتامين «أ»
يؤدي تناول الشخص كميات كبيرة من المستحضرات الدوائية لفيتامين «أ» (الريتنول) ومشتقاته والتي تزيد على أكثر من عشرين مرة الجرعة اليومية المقررة منه مثل حصوله على نيف و50 ألف وحدة دولية منه خلال فترة تزيد على ثلاثة أشهر إلى حدوث حالة التسمم به، وتشمل أعراضها الصحية الشعور بالغثيان والقيء وألم في البطن والصداع والشعور بالنعاس وتعب عام ووهن في الجسم وألم في مفاصل العظام وصداع شديد واضطراب عاطفي، وتُظهر الفحوص السريرية للمريض أحيانًا حدوث جحوظ في العينين ووذمة عامة oedema في الجسم وحدوث جفاف حرشفي بالجلد وشقوق بالفم. وفي أحوال نادرة يصاحب ذلك حدوث أعراض صحية سيئة أخرى مثل ارتفاع الضغط داخل العين والصداع وتناقص في الإدراك الذهني وسقوط الشعر. ويمكن حدوث حالة التسمم الحاد بفيتامين «أ» عند تناول الشخص جرعات كبيرة من مستحضراته الصيدلانية أو عند أكل كبد الدب القطبي كما هو معروف لدى سكان منطقة القطب الشمالي مثل قبائل الإسكيمو.
ويمكن تشخيص حدوث هذه الحالة مخبريًا بقياس مستوى فيتامين «أ» في مصل الدم، ويكون علاجه الوحيد توقف المريض عن تناول المستحضرات الدوائية لهذا الفيتامين والأغذية الغنية به في طعامه مثل كبد الدب القطبي، فتختفي بسرعة معظم هذه الأعراض المرضية بعد ذلك.
التسمم بفيتامين «د»
تستخدم المستحضرات الصيدلانية لفيتامين «د» في علاج حالات الإصابة بالكساح في الأطفال ولين العظام خصوصًا في النساء. ويؤدي تناول جرعات كبيرة من هذا الفيتامين إلى حدوث حالة التسمم به، وهي تحدث نتيجة وجود تركيز مرتفع من فيتامين «د» في صورة مركب 25-OH-D3 الذي يزيد معدل نقل عنصر الكالسيوم من الطعام وارتفاع تركيزه في الدم ثم ترسيبه في الأنسجة الطرية بالجسم بما فيها الكليتان وحدوث حالة كلاس كلوي. كما يؤدي تناول كميات كبيرة من هذا الفيتامين إلى زيادة معدل امتصاص عنصر الكالسيوم في الجهاز الهضمي ويشجع سحبه من مخازنه في العظام وبالتالي فقد قدرة الكليتين على عدم خروج كميات كبيرة منه في البول، ويمكن حدوث حالة التسمم بهذا الفيتامين عند حصول الشخص على جرعات كبيرة منه تصل نحو خمسة أضعاف الكمية المقررة يوميًا منه، وتكون حوالي 2000 وحدة دولية منه (50 ميكرو جرامًا) لفترة طويلة. وتحدث هذه الحالة المرضية في الأطفال الرضع عند استعمالهم جرعات كبيرة من هذا الفيتامين.
واكتشف الأطباء حدوث حالة التسمم بفيتامين «د» عند حصول الشخص البالغ على 4000 وحدة دولية منه والأطفال على 1800 وحدة دولية، وهي تؤدي إلى ارتفاع تركيز الكالسيوم في الدم لأكثر من 120 ملجم لكل لتر منه، ويعاني الأطفال المصابون بحالة التسمم بفيتامين «د» من أعراض صحية تشمل قلة الشهية للطعام والغثيان والقيء وحدوث إسهال بين حين وآخر وتهيج واكتئاب نفسي والشكوى من إحساس بنخز حول الفم وألم عام في الجسم. وتعالج هذه الحالة المرضية بالتوقف عن تناول المستحضرات الدوائية لهذا الفيتامين واتباع حمية غذائية قليلة المحتوى من الكالسيوم والحصول على مركبات ستيروئيدية عن طريق الفم والتي يعزى تأثيرها في تقليلها معدل امتصاص الكالسيوم في الأمعاء واستعمال مركبات خلابية لهذا العنصر تؤخذ عن طريق الفم.
التسمم بفيتامين «ي»
يتناول الإنسان كميات كبيرة من فيتامين «ي» V.E عند استخدامه في العلاج وهو أقل الفيتامينات الذائبة في الدهون سمية للجسم، فلا يسبب الحصول على جرعات كبيرة منه تصل نحو 20 مرة إلى 30 مرة من الكميات المقررة منه غذائيًا فترة طويلة أي ضرر صحي محسوس بالجسم، لكن يعاني مستعمله خلالها شعورًا بالغثيان ونفخة في البطن وإسهالاً، كما يؤدي تناول المريض جرعات كبيرة من فيتامين «ي» إلى زيادة حاجة جسمه إلى فيتامين «ك» عند استعماله الأدوية المضادة لتجلط الدم عن طريق الفم.
مجموعة فيتامين «ب» المركب
كما يؤدي تناول جرعات كبيرة من فيتامين النياسين ـ وهو أحد أفراد مجموعة فيتامين «ب» المركب ـ في صورة مستحضراته الصيدلانية كالمستعمل في علاج ارتفاع الدهون والكوليسترول بالدم إلى حدوث أعراض صحية جانبية تشمل توسع الأوعية الدموية في الجسم وتورد لون الجلد وتهيجًا في المعدة، وترتفع أحيانًا مستويات قراءات إنزيمات الكبد ويرتفع تركيز السكر بالدم وتظهر أعراض داء النقرس. كما يؤدي تناول جرعات كبيرة من المستحضرات الصيدلانية لفيتامين «ب6» (البيردوكسين) بين نصف جرام وجرامين أو أكثر منه على شكل أقراص إلى الشكوى من اعتلال عصبي حسي محيطي في جسم المريض.
ولحسن الحظ لا يؤدي تناول جرعات كبيرة من فيتامين «ب1» (الثيامين) عن طريق الفم فترة طويلة إلى ظهور أعراض تسمم محسوسة به، لكن قد يؤدي إعطاؤها عن طريق الحقن بالجسم إلى حدوث تفاعل تأقاني Anaphylactoid، ويؤدي تناول جرعات كبيرة من حمض النيكوتنيك (النياسين) الذي يستخدم أحيانًا في علاج ارتفاع تركيز دهون الدم إلى توسع الأوعية الدموية في محيط الجسم وتورد الوجه. ولم يتمكن العلماء من معرفة التأثيرات الدقيقة لعمليات تناول الإنسان كميات كبيرة من المستحضرات الدوائية لبعض أفراد فيتامينات مجموعة «ب المركب» الأخرى مثل «ب2» (الريبوفلافين) وحمض الفوليك و«ب12» (سيانوكوبالامين).
فيتامين «ج»
أكد العلماء عدم ضرر الإفراط في استعمال مستحضرات فيتامين «ج» (حمض الإسكوربيك) الصيدلانية، لكن يؤدي تناول جرعات كبيرة منه على شكل أقراص دوائية أو سواها إلى ظهور أعراض صحية جانبية مثل تهيج معدي ونفخة بالبطن وإسهال. ويعتقد نظريًا أنه يسبب زيادة فرص ترسيب حصى الأوكسالات في الجهاز البولي، لأن مركب الأوكسالات يتكون نتيجة عمليات الأيض الغذائي لهذا الفيتامين، لكن لم تؤكد ذلك التجارب السريرية عليه، ويتداخل فيتامين «ج» في دقة نتائج الاختبارات التشخيصية لبعض الأمراض مثل الكشف عن وجود خثرات دموية في الغائط فهو يعطي نتيجة سالبة لذلك، كما يؤدي خروجه في البول إلى التداخل مع نتائج الكشف عن وجود السكر في البول، إذ هو يماثل خروج السكر في بول المصاب بمرض السكر، كما يؤدي تناول جرعات كبيرة من مستحضرات فيتامين «ج» عن طريق الفم إلى ارتفاع تركيز حمض الأوكساليك في البول.
إجراءات وقائية
1ـ يستطيع الإنسان توفير جميع احتياجات جسمه من الفيتامينات عند حصوله على طعام متزن في مكوناته الغذائية ويحتوي عليها بكميات كافية.
2ـ لا يؤدي عادة تناول كميات كبيرة من الأغذية الطبيعية الغنية بالفيتامينات حدوث حالة التسمم بها.
3ـ عدم استعمال المستحضرات الصيدلانية لفيتامين واحد أو أكثر دون وصفة طبية تحدد الكميات المستعملة منه ومواعيدها وطول فترة تناولها.
الفئات الرئيسية للموضوع
الصيدلية
في الأحوال الطبيعية يستطيع جسم الإنسان توفير احتياجاته الضرورية من الفيتامينات بأنواعها من الطعام والشراب عند حصوله على كميات كافية منهما، لكن يلجأ بعض الناس إلى كثرة تناول المستحضرات الصيدلانية بشكل يومي على شكل أقراص أو محافظ جيلاتينية لخليط من الفيتامينات أو واحد أو أكثر منها، يأخذونها أحيانًا دون استشارتهم الأطباء، لاعتقادهم بفوائدها الصحية في الوقاية من ظهور أعراض نقصها في أجسامهم وبأنها تزيد مقاومتهم ضد الإصابة بالأمراض وتجعلهم يشعرون بأنهم أفضل صحيًا. وقد يفرطون في الكمية التي يستعملونها منها اعتقادًا بفائدة ذلك لأجسامهم ويغيب عن أذهانهم المثل الشائع القائل: «كل شيء زاد عن حده انقلب إلى ضده».
ويصف الأطباء استعمال هذه المركبات لتصحيح حالات نقصها والوقاية من ظهور أعراضها الصحية وعند زيادة حاجة الجسم إليها كما في حالتي الحمل والرضاع للمرأة. ويجهل الكثير من الناس أضرار تناول مقادير كبيرة من الفيتامينات بشكل مستمر على أجسامهم نتيجة ضعف وعيهم الصحي، ويؤدي حصول الإنسان على كميات كبيرة من الفيتامينات الذائبة في الدهون وهي فيتامين «أ ـ د ـ ك ـ ي» إلى تجمعها في الأنسجة وتسبب حدوث بعض المشكلات الصحية في الجسم فيما يسمى حالة فرط الفيتامين في الجسم، بينما يخرج معظم الفائض عن احتياجات الجسم من الفيتامينات الذائبة في الماء وهي فيتامين «ج» ومجموعة «ب» المركب الممتصة في الأمعاء أو المأخوذة عن طريق الحقن بالعضل أو الوريد مع البول عن طريق الكليتين، لذا فهي تسبب غالبًا ظهور أعراض صحية لحالة التسمم بها بدرجة أقل حدة من الفيتامينات الأخرى.
تصنيف الفيتامينات
الفيتامينات هي مركبات كيماوية ذات طبيعة عضوية توجد بمقادير صغيرة جدًا في الأغذية، وهي ضرورية لنمو الإنسان وأداء خلايا جسمه وظائفها الحيوية، وهي تسهل استخدام الخلايا لعناصر إنتاج الطاقة وهي الكربوهيدرات والبروتينات والدهون، وتستعمل المستحضرات الدوائية للفيتامينات على شكل أقراص تؤخذ عن طريق الفم أو محافظ جيلاتينية أو شراب أو محلول يحقن بالعضل أو بالوريد عند شكوى المريض من سوء امتصاصها في أمعائه، ويصنف العلماء الفيتامينات إلى مجموعتين رئيستين هما:
1ـ الفيتامينات الذائبة في الدهون وهي تشمل «أ، د، ك، ي».
2ـ الفيتامينات الذائبة في الماء: وهي تضم حمض الإسكوربيك (فيتامين ج) ومجموعة فيتامين «ب» المركب وتشمل الثيامين (فيتامين ب1) والريبوفلافين (فيتامين ب2) والبيرودوكسين ومركباته (فيتامين ب6) وسيانو كوبالامين (فيتامين ب12) والنياسين (حمض النيكوتينيك ومركباته) وحمض الفوليك وحمض البانتوثنيك والبيوتين والكولين.
وتقاس كميات الفيتامينات الذائبة بالدهون في التغذية بالوحدات الدولية I.N، وتعتمد الوحدة المستعملة من الفيتامينات على ردود فعل جسم الإنسان لها مثل معدل النمو، وتجرى الاختبارات الخاصة بذلك على حيوانات التجارب بإعطائها جرعات قياسية منها، وحددت المقادير المطلوبة لجسم الإنسان خلال مراحل نموه من الفيتامينات الذائبة في الماء بالمليجرام مثل حمض الإسكوربيك (فيتامين ج) والكولين والثيامين والريبوفلافين والنياسين.
طرق دخولها إلى الجسم:
تمتص الفيتامينات الذائبة في الدهون الموجودة في الأغذية كاللحوم والألبان والبيض أو من مستحضراتها الدوائية على شكل أقراص أو كبسولات جيلاتينية مع دقائق الكيلوس المحتوية على الأحماض الدهنية بالأمعاء عن طريق الليمف ثم تأخذ طريقها إلى الدم، بينما تمتص الفيتامينات الذائبة بالماء عبر جدار الأمعاء ثم تنتقل عبر الوريد البابي إلى الكبد لتنظيم عمليات الاستفادة منها في خلايا الجسم، فتحتفظ بعض أعضاء الجسم بجزء صغير جدًا من الفيتامينات الذائبة في الماء، ويخرج معظم الفائض منها عن طريق الكليتين مع البول، ولا تحدث حالة فرط الفيتامين في الجسم عند حصول الإنسان على الفيتامينات من مصادرها الغذائية في الطعام، وإنما عند تناوله جرعات كبيرة من مستحضراتها الدوائية.، ويحدث فقد متباين في الفيتامينات نتيجة عمليات تحضير وطبخ الأغذية المحتوية عليها.
التسمم بالفيتامينات:
تحدث حالة فرط كمية الفيتامينات أو حالة التسمم بالفيتامينات اصطلاحًا في جسم الإنسان نتيجة تناوله كميات كبيرة من المستحضرات الصيدلانية منها في أحوال عديدة أهمها:
* سوء استخدام المرضى المستحضرات الدوائية للفيتامينات التي يصفها أطباؤهم في علاج حالات نقصها في أجسامهم مثل فيتامين «د» في علاج مرض الكساح في الأطفال ولين العظام في النساء بشكل خاص، كما تؤدي الإصابة ببعض الأمراض أو استعمال بعض الأدوية في العلاج إلى زيادة حاجة جسم المريض للحصول على جرعات أكبر من الفيتامينات مما قد تؤدي إلى إفراطه في الكميات التي يستعملها وحدوث ما يسمى حالة فرط الفيتامين في الجسم أو التسمم بالفيتامين، فمثلاً تزداد حاجة جسم المريض إلى فيتامين «د» وحمض الفوليك عند استخدامه الأدوية المضادة للتشنج في علاجه.
* نتيجة اعتقادات خاطئة في أذهان بعض الناس عن فائدة تناولهم المستمر للمستحضرات الصيدلانية لبعض الفيتامينات لزيادة مقاومة أجسامهم ضد الأمراض، فمثلاً يتناول البعض أقراص فيتامين «ج» خلال فصل الشتاء اعتقادًا بفائدته في زيادة مقاومة أجسامهم للإصابة بأمراض البرد كالزكام والإنفلونزا، لكن لم تؤكد الدراسات العلمية الحديثة هذه الفائدة.
* عند استعمال فيتامين معين أو أكثر فترة طويلة في علاج بعض الأمراض مثل استخدام النياسين (وهو أحد أفراد فيتامين ب المركب) في علاج حالة ارتفاع دهون الدم والكوليسترول بالدم فيؤدي تناول مقادير كبيرة من هذا الفيتامين فترة طويلة إلى ظهور الأعراض الصحية الجانبية لسوء استعماله في العلاج.
الكاروتينات
هناك أنواع عديدة من مركبات الكاروتين مثل ألفا وبيتا، وتكون الكاروتينات من نوع بيتا مولدة لفيتامين «أ» وهي توجد في الحليب البقري فتكسبه صفرة في لونه، لكنها لا توجد في حليب الأغنام فيكون لونه أبيض وإنما يحتوي على فيتامين «أ». كما توجد في بعض الخضراوات وثمار الفواكه، فيؤدي تناول الإنسان كميات كبيرة من مركب بيتا كاروتين الموجود بوفرة في ثمار الفواكه والخضراوات ذات اللون الأصفر إلى ارتفاع مستواه بالدم وهي نادرة الحدوث ويتلون فيها الجلد بالأصفر ـ البرتقالي وخصوصًا في راحة اليدين وأخمص القدمين ويختفي ذلك عند توقف المريض عن تناول كميات كبيرة من مركبات الكاروتين. وقد تحدث هذه الحالة عند الإفراط في أكل الجزر الأصفر أو شرب عصيره لأنه ذو محتوى مرتفع من الكاروتينات. ويستطيع الطبيب تمييز حالة ارتفاع تركيز الكاروتين في الدم غير الضارة صحيًا عن حدوث اليرقان نتيجة الإصابة بقصور كبدي وفيها يتلون بياض العينين للمريض بالأصفر.
فيتامين «أ»
يؤدي تناول الشخص كميات كبيرة من المستحضرات الدوائية لفيتامين «أ» (الريتنول) ومشتقاته والتي تزيد على أكثر من عشرين مرة الجرعة اليومية المقررة منه مثل حصوله على نيف و50 ألف وحدة دولية منه خلال فترة تزيد على ثلاثة أشهر إلى حدوث حالة التسمم به، وتشمل أعراضها الصحية الشعور بالغثيان والقيء وألم في البطن والصداع والشعور بالنعاس وتعب عام ووهن في الجسم وألم في مفاصل العظام وصداع شديد واضطراب عاطفي، وتُظهر الفحوص السريرية للمريض أحيانًا حدوث جحوظ في العينين ووذمة عامة oedema في الجسم وحدوث جفاف حرشفي بالجلد وشقوق بالفم. وفي أحوال نادرة يصاحب ذلك حدوث أعراض صحية سيئة أخرى مثل ارتفاع الضغط داخل العين والصداع وتناقص في الإدراك الذهني وسقوط الشعر. ويمكن حدوث حالة التسمم الحاد بفيتامين «أ» عند تناول الشخص جرعات كبيرة من مستحضراته الصيدلانية أو عند أكل كبد الدب القطبي كما هو معروف لدى سكان منطقة القطب الشمالي مثل قبائل الإسكيمو.
ويمكن تشخيص حدوث هذه الحالة مخبريًا بقياس مستوى فيتامين «أ» في مصل الدم، ويكون علاجه الوحيد توقف المريض عن تناول المستحضرات الدوائية لهذا الفيتامين والأغذية الغنية به في طعامه مثل كبد الدب القطبي، فتختفي بسرعة معظم هذه الأعراض المرضية بعد ذلك.
التسمم بفيتامين «د»
تستخدم المستحضرات الصيدلانية لفيتامين «د» في علاج حالات الإصابة بالكساح في الأطفال ولين العظام خصوصًا في النساء. ويؤدي تناول جرعات كبيرة من هذا الفيتامين إلى حدوث حالة التسمم به، وهي تحدث نتيجة وجود تركيز مرتفع من فيتامين «د» في صورة مركب 25-OH-D3 الذي يزيد معدل نقل عنصر الكالسيوم من الطعام وارتفاع تركيزه في الدم ثم ترسيبه في الأنسجة الطرية بالجسم بما فيها الكليتان وحدوث حالة كلاس كلوي. كما يؤدي تناول كميات كبيرة من هذا الفيتامين إلى زيادة معدل امتصاص عنصر الكالسيوم في الجهاز الهضمي ويشجع سحبه من مخازنه في العظام وبالتالي فقد قدرة الكليتين على عدم خروج كميات كبيرة منه في البول، ويمكن حدوث حالة التسمم بهذا الفيتامين عند حصول الشخص على جرعات كبيرة منه تصل نحو خمسة أضعاف الكمية المقررة يوميًا منه، وتكون حوالي 2000 وحدة دولية منه (50 ميكرو جرامًا) لفترة طويلة. وتحدث هذه الحالة المرضية في الأطفال الرضع عند استعمالهم جرعات كبيرة من هذا الفيتامين.
واكتشف الأطباء حدوث حالة التسمم بفيتامين «د» عند حصول الشخص البالغ على 4000 وحدة دولية منه والأطفال على 1800 وحدة دولية، وهي تؤدي إلى ارتفاع تركيز الكالسيوم في الدم لأكثر من 120 ملجم لكل لتر منه، ويعاني الأطفال المصابون بحالة التسمم بفيتامين «د» من أعراض صحية تشمل قلة الشهية للطعام والغثيان والقيء وحدوث إسهال بين حين وآخر وتهيج واكتئاب نفسي والشكوى من إحساس بنخز حول الفم وألم عام في الجسم. وتعالج هذه الحالة المرضية بالتوقف عن تناول المستحضرات الدوائية لهذا الفيتامين واتباع حمية غذائية قليلة المحتوى من الكالسيوم والحصول على مركبات ستيروئيدية عن طريق الفم والتي يعزى تأثيرها في تقليلها معدل امتصاص الكالسيوم في الأمعاء واستعمال مركبات خلابية لهذا العنصر تؤخذ عن طريق الفم.
التسمم بفيتامين «ي»
يتناول الإنسان كميات كبيرة من فيتامين «ي» V.E عند استخدامه في العلاج وهو أقل الفيتامينات الذائبة في الدهون سمية للجسم، فلا يسبب الحصول على جرعات كبيرة منه تصل نحو 20 مرة إلى 30 مرة من الكميات المقررة منه غذائيًا فترة طويلة أي ضرر صحي محسوس بالجسم، لكن يعاني مستعمله خلالها شعورًا بالغثيان ونفخة في البطن وإسهالاً، كما يؤدي تناول المريض جرعات كبيرة من فيتامين «ي» إلى زيادة حاجة جسمه إلى فيتامين «ك» عند استعماله الأدوية المضادة لتجلط الدم عن طريق الفم.
مجموعة فيتامين «ب» المركب
كما يؤدي تناول جرعات كبيرة من فيتامين النياسين ـ وهو أحد أفراد مجموعة فيتامين «ب» المركب ـ في صورة مستحضراته الصيدلانية كالمستعمل في علاج ارتفاع الدهون والكوليسترول بالدم إلى حدوث أعراض صحية جانبية تشمل توسع الأوعية الدموية في الجسم وتورد لون الجلد وتهيجًا في المعدة، وترتفع أحيانًا مستويات قراءات إنزيمات الكبد ويرتفع تركيز السكر بالدم وتظهر أعراض داء النقرس. كما يؤدي تناول جرعات كبيرة من المستحضرات الصيدلانية لفيتامين «ب6» (البيردوكسين) بين نصف جرام وجرامين أو أكثر منه على شكل أقراص إلى الشكوى من اعتلال عصبي حسي محيطي في جسم المريض.
ولحسن الحظ لا يؤدي تناول جرعات كبيرة من فيتامين «ب1» (الثيامين) عن طريق الفم فترة طويلة إلى ظهور أعراض تسمم محسوسة به، لكن قد يؤدي إعطاؤها عن طريق الحقن بالجسم إلى حدوث تفاعل تأقاني Anaphylactoid، ويؤدي تناول جرعات كبيرة من حمض النيكوتنيك (النياسين) الذي يستخدم أحيانًا في علاج ارتفاع تركيز دهون الدم إلى توسع الأوعية الدموية في محيط الجسم وتورد الوجه. ولم يتمكن العلماء من معرفة التأثيرات الدقيقة لعمليات تناول الإنسان كميات كبيرة من المستحضرات الدوائية لبعض أفراد فيتامينات مجموعة «ب المركب» الأخرى مثل «ب2» (الريبوفلافين) وحمض الفوليك و«ب12» (سيانوكوبالامين).
فيتامين «ج»
أكد العلماء عدم ضرر الإفراط في استعمال مستحضرات فيتامين «ج» (حمض الإسكوربيك) الصيدلانية، لكن يؤدي تناول جرعات كبيرة منه على شكل أقراص دوائية أو سواها إلى ظهور أعراض صحية جانبية مثل تهيج معدي ونفخة بالبطن وإسهال. ويعتقد نظريًا أنه يسبب زيادة فرص ترسيب حصى الأوكسالات في الجهاز البولي، لأن مركب الأوكسالات يتكون نتيجة عمليات الأيض الغذائي لهذا الفيتامين، لكن لم تؤكد ذلك التجارب السريرية عليه، ويتداخل فيتامين «ج» في دقة نتائج الاختبارات التشخيصية لبعض الأمراض مثل الكشف عن وجود خثرات دموية في الغائط فهو يعطي نتيجة سالبة لذلك، كما يؤدي خروجه في البول إلى التداخل مع نتائج الكشف عن وجود السكر في البول، إذ هو يماثل خروج السكر في بول المصاب بمرض السكر، كما يؤدي تناول جرعات كبيرة من مستحضرات فيتامين «ج» عن طريق الفم إلى ارتفاع تركيز حمض الأوكساليك في البول.
إجراءات وقائية
1ـ يستطيع الإنسان توفير جميع احتياجات جسمه من الفيتامينات عند حصوله على طعام متزن في مكوناته الغذائية ويحتوي عليها بكميات كافية.
2ـ لا يؤدي عادة تناول كميات كبيرة من الأغذية الطبيعية الغنية بالفيتامينات حدوث حالة التسمم بها.
3ـ عدم استعمال المستحضرات الصيدلانية لفيتامين واحد أو أكثر دون وصفة طبية تحدد الكميات المستعملة منه ومواعيدها وطول فترة تناولها.